إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 2 نوفمبر 2015

الاله المزيف والاله الحق

ذلك القول الفصل وما هو بالهزل ,,


ان اراد احدٌ ما ان يضل العالم , فلن يظهر لك الشر في ثوب الشر , بل سيلبس الشر لباس الخير , وسيبذل اقصى ما عنده ليعمي عينك عن الخير ,,

حتى يضحى اهل الشر هم ساسة القوم , وزعماء الدين , ويضحى اهل الخير , هم الفاسدون , الكافرون , المتآمرون , المبتدعون الذين يريدون ان يغيروا الدين ,,

ولكن كيف تمكن اهل الزيف من الباس الحق بالباطل والباس الباطل بالحق ؟

لكي يحدث هذا عليك اولاً ان تتلاعب بالطريقة التي ينظر بها الناس للأمور , بأن تجعل الناس يرون فقط بعين عقولهم وافكارهم التي يسهل التلاعب بها لأنها تعتمد على ما تراه في الخارج , واجعلهم يهملون طبيعتهم وفطرتهم وما يشعرون به في اعماقهم ,,,

ابو الفساد هو هذا المبدأ : هناك قيم ما على الجميع الالتزام بها ,,

ثم لأن هذه القيم مستمدة من الآخرين , فيسهل على الجميع التلاعب بها , ويسهل حينها التحكم في الناس وتضليلهم , والباس الحق ثوب الباطل , والباطل ثوب الحق ,,

لكن ما هو الحق الحقيقي , وما هو الباطل الحقيقي ؟

الحق الحقيقي هو ما تشعر به , وهو حق حقيقي لك فقط , وليس نافعاً بالضرورة لغيرك , فكما خلق الله لنا اشكالاً متنوعة ومختلفة , وشخصيات فريدة , كذلك خلق لنا طرقاً متعددة , ومواهب شتى ,

فالحق ليس قيمة ما او قاعدة ما علينا الالتزام بها , بل هو اتباع كلٍ منا لشغفه في الحياة ,,

اما الباطل الحقيقي , فهو الزيف , الخداع , خداع النفس وخداع الاخرين , الانقصام الى اكثر من هوية , وارتداء مئات الآلاف من الاقنعة , ان يكون ما تشعر به شيء , وما تقوله شيء , وما تفعله شيء اخر ,,

لكن اهل الباطل قد نجحوا في ان يرفعوا من قيمة الادعاءات الزائفة , فأصبح كافياً بالنسبة لك لكي تصبح انساناً كريماً محترماً مقبولاً وسط المجتمع ان ترتدي احد الاقنعة التي يقدمونها لك , ان تدعي شيئاً ليس انت , ظناً منك ان بزعمك هذا انت على شيء , ولأنهم ليسوا على شيء , لذلك اعلوا من قيمة الادعائات ,,,

ثم قام اهل الباطل ,, بجعل الاعمال هي القيمة العظمى التي تلى الادعاء , فأضحى ادائك لبعض الاعمال والشعائر , كفيل بجعلك مقبولاً لدى المجتمع ومحطاً للإشادة والاعجاب ,

فأصبح الرجل , رغم المه وضياعه ومعناته , يتدعي الايمان , ويحارب من يراهم كفاراً واعدائاً لإيمانه ليثبت للجميع انه مؤمن , ثم يفعل الافعال الخيرة , ظناً منه بأن افعاله ستخلصه . لكنه عندما يختلي بنفسه تحاوطه هويته الحقيقية المكبوتة الحزينة المشتتة المدمرة من كل مكان , لأنها ظلت مهملة , لصالح الذات السطحية الخارجية المزيفة . ولم تتغذى على شيء ولم تتم رعايتها , لذلك تراها قد ذبلت , وهي الحقيقة وما دونها كذب ,

هكذا اصبح الانسان يقتل نفسه بيده , يقتل ذاته الحقيقية , من اجل ذات مزيفة مصطنعة , كمن يستبدل الوردة الحقيقية ذات العبق الجميل , بالوردة البلاستيكية الميتة ,, 

ثم وانطلاقا من هذه الذات المصطنعة , قام الانسان المصطنع المزيف , بخلق اصناماً عدة , اعظمها واشدها خطورةً , تلك الاصنام التي ليس لها تماثيل ولا ترى ,

قد ابتدع هؤلاء القوم الهاً مصطنعاً , وفقاً لما في ذواتهم المصطنعة , واستبدلوا الاله الحقيقي الحي , بذلك الاله المصطنع المزيف , واعطوا ذلك الاله المصطنع المزيف , اسم الحق , ثم شكلوه على اهوائهم , ثم عبدوه , وهم دائماً يشكلونه على اهوائهم ,,

فألاههم هذا ميت ليس له وجود , مصطنع كذواتهم المصطنعة , فهو لا يضر ولا ينفع , اله يمكنهم ان يعرفوا كيف يفكر , يرهبون به من يشائون من العباد , ويضلون به من يشائون , ولأنه غير حقيقي , فهو لا يقاوم ولا يرفض , بل ينصاع دائماً لتفسيراتهم واهوائهم ,,

فترى اله العرب عربي , واله الشرق شرقي , واله الغرب غربي , واله المسلمين مسلم , واله اليهود يهودي ,,

وتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ,,

هذا الاله المصطنع , هو الذي يكتفي فقط بادعائك , لكي يقبلك بين عباده , ويأخذ فقط بظاهر اعمالك , لكي يسكنك جنات النعيم , فإن قلت بعض الكلمات بلسانك , او غسلك احدهم بالماء , فقد قبلك الههم , لا يهم بعد ذلك اياً كان ما تفعله , ستحاسب عليه , ثم تستقر في الجنة وملكوت السماوات الى ابد الآبدين ,,

الههم ليس سوا امتداداً لهم , فهم من يبحثون عن المجد والكبرياء , وهم من يريدون ان يسبح الناس بحمدهم , لذلك حسبوا ان الله سيعاملهم بالمثل , هم اولائك الذين لا يرحمون حتى لأتفه الاسباب , لذلك تصوروا ان الله سيعذب رجلاً لم يتفوه ببضعة حروف الى الابد , هم لن يرحموك ان لم تفعل ما يريدون , لذلك تصوروا ان الله سبحانه مثلهم ,,

وكيف لهم ان يعرفوه , وهم لا يسمعون الا صوت انفسهم ؟ , ليس لهم الا ان ينحتوا صنماً بأيديهم فيعبدوه ,,

الله الحق , ليس معروفاً , محدوداً في حروف وكلمات الخلق , بل هو قريب جداً , اقرب من حبل الوريد , ولذلك هو مجهول جداً , لأننا اعتدنا ان نبحث عنه بعيداً , وهو قريب ,,

فمن اراد ان يعرف الله الحق ,,  عليه اولاً ان يبدأ في الاستماع لصوت المجهول , ويخشع , ويمضي الى حيث اراد له المجهول ان يمضي , فالجهل هو الحجاب بين الله والعبد , فإن مضيت فيه عبرت واخترقت , وان كنت تبحث فقط عن الراحة والامان والمعلوم , فحينها يمكنك ان تكتفي بذلك الصنم الكبير والوهم الاعظم الذي صنعه القوم ليغطوا به جهلهم بالحقيقة , وخوفهم من الحق ,,

ومن هنا بدأ البشر في الباس الحق بالباطل والباطل بالحق , يبدو ان الطريق الى الههم المزعوم , يختلف تماماً عن الطريق الى الله الحق , فهذا لكي تصل اليه عليك ان تنفذ الوصايا , وتتبع المعلوم , اما ذلك فعليك ان ترمي بكل شيء وراء ظهرك , وتولي وجهك شطر المجهول , لذلك كان اهل الله قلة , ولذلك كان اكثر الناس لا يؤمنون , ولا يعقلون , ولا يفقهون , ولا يبصرون ,

فقد استبدل الدين الحق , بأديان مزعومة مفتراة , لعبادة هذا الاله المزعوم المصطنع , فأضحى التدين بتلك الاديان هو الحجاب الاعظم امام معرفة الله الحق , بل واضحت الاديان ذاتها هي العدو الاكبر لمؤسيسها ذاتهم , من قلة اهل الله المصطفين المخلصين , فحولوا دينهم , الى اديان ميتة لعبادة الههم الميت المزعوم المعلوم ,

ان هذا الاله المزعوم , مسلماً عند المسلمين , مسيحياً عند المسيحين , يهودياً عند اليهود , هندوسياً عند الهندوس , فهو فقط منحاز لأتباعه , سوف يدخل المسلمين فقط دون غيرهم في رحمته , ويعذب العالم اجمع في جهنم خالدين فيها , وسيدخل من يقبلون المسيح "المزعوم ايضاً" ملكوته , ويهلك باقية البشر ,, ويفضل شعب اسرائيل على سائر البشر ويؤتيهم الملك في الدنيا وفي الآخرة ,,

فيحرض هذا الاله على الفرقة , وعلى البغضاء , واحياناً يأمر بالقتل , ان اراد وكلائه "رجال الدين" على الارض ذلك ,,,

ومن هذه المزاعم الكبيرة , تتفرع مزاعم عديدة صغيرة , فا في كل ديانة مذهب , وفي كل مذهب الف مذهب ,, هذا ولأنهم يعبدون الهاً معلوماً سهل تشكيله ومعرفته ودراسته وفهمه ,, وبذلك يكونوا هم من صنعوه وفقاً لما يعرفونه ,,

اما الاله الحق فهو محيطٌ بهم , فإنه كيف للأصغر ان يحيط بالأكبر , كيف للنقطة ان تحيط بالمحيط ؟ , فلا سبيل لهم بمعرفته بعقولهم , بل لا سبيل اليه الا بالاقبال اليه بقلبٍ فارغ وصافٍ , وبتكسير كل الاصنام , واولها الصنم الاعظم , الاله المزيف المعلوم الذي هو الحجاب الاعظم امام عرفان الله الحق الذي هو متسامٍ عن المعرفة والاحاطة بالفكر ,,

وحين ندرك ان الله متسامٍ حقاً عن الاحاطة بالفكر , سندرك ان كل ما يقال عنه بالتأكيد خاطيء , ولا يقصد به شيئاً غير صنمهم الاعظم والاكثر هشاشة , فإن قالوا لنا ان الله يأمر بالقتل والبغضاء من اجل اعلاء كلمته , سنقول لهم افٍ لكم ولإلهكم , فما حاجة الله ان يعلي كلمته , ان لم يرد الله الحق لهم الحياة لأفناهم بأمرٍ منه , الم يكن الله على كل شيءٍ قدير ؟!

وان تركهم للحياة , فمن انتم حتى تقتلونهم وقد اراد لهم الله الحياة ,

وان قالوا لكم لن يدخل الجنة الا من كان يهودياً او نصرانياً او مسلما , فاسألوهم اذاً عن مصير من كان قبلهم من خلق , قبل ان يخلق الله موسى وعيسى ومحمد والانبياء ,,

وما حاجة الله بعذاب الناس ليعذبهم , وهو الغني عن عبادتهم , او انكم تسقطون كبركم وغروركم على الله العزيز الكريم ؟

وان قالوا لكم اتبعوا ديننا تهتدوا , قولوا لهم لكم اديانكم ولنا دين , لكم اربابكم ولنا الله ,,

فإله المجتمع ليس هو اله محمد ولا موسى ولا عيسى , وان بعث فيهم محمداً من جديد لقتلوه , كما فعلوا من قبل مع كل انبياء الله , فريقاً كذبوا وفريقاً قتلوا , وفريقاً سيقتلون ,,

رغم زعمهم انهم هم اهل الله , فهم دائماً من يقتلون اهل الله , هم من تآمروا على المسيح ليصلبوه لأنهم قالوا "قد جدف على الله" , وهم من امروا سفائهم برجم محمداً لأنهم قالوا "يريد ان يغير عليكم دينكم" , وهم من قتلوا كل من نطق بالحق بين الخلق ,, بزعمهم انهم كانوا يغيرون دين الله , رافعين راية الحق وهم للباطل ينصرون ,,

هكذا اصبح جنود الشيطان , هم عباد الله الصالحين على الارض ورجال الدين واوصياء الله على الخلق , واضحى كل باحث , متجهاً لله , شيطاناً رجيم يريد ان يغير الدين ويضل الخلق ,,

ومن الشجرة الملعونة , لا تخرج الى افرع ملعونة , مخرجةً ثماراً ملعونة , فإن كان الاساس باطلاً , كانت الفروع ايضاً باطلة , وما خرج على باطل فهو باطل ,,

فإن كان الههم هو ابليس متنكراً مختبأً تحت اسم الله , فكل ما تفرع من دينهم باطل ,,

فصلاتهم باطلة , وصيامهم باطل , وصداقتهم باطلة , وحجهم باطل , وقرآنهم باطل , وايمانهم باطل ,,

وان كان الاصل حق ,,

فالصلاة حقة , والصيام حق , والصدقة حق , والحج حق , والقرآن حق , والايمان حق ,

فا في اديانهم , عليك ان تصلي , لمجرد ان تصلي , ويحسبون ذلك ايماناً , لظنهم ان الله سبحانه "يفرح" بتعظيمهم له , لمجرد ان يعظموه , وهو العظيم في ذاته تعالى عما يقولون

انما الصلاة , ان لم تشعرك بذلك الاتصال الذي بينك وبين الله , فلا حاجة لها لك , ولا قيمة لها عند الله ,,

وصومك , ان كان جوعاً وعطشاً وكبتاً , فلا حاجة لله به , اما ان كان انقطاعاً وتطهيراً للحواس , يصبح وسيلة للشعور بالمعية الالهية والحضور الالهي الحي , وهكذا يصبح صوماً ,

وصدقتك , ان كانت مقايضة مع الله , فلا حاجة لها , فالله الحق لا يحتاج لصدقاتك , اما ان كانت عطائاً صادقاً وفيضاً من المحبة , وتخلياً عن ما يجعل النفس تعلق بعالم الدنيا , فحينها تصبح الصدقة حقاً ذات نفع ,,

وهكذا , تقاس العبادات بمدى نفعها لك , يحسب الذين ضلوا واستحبوا الضلالة على الايمان ان اعمالهم انما هي مقايضة مع الله , ذلك لأنهم هكذا يفعلون , ولم تعرف عقولهم يقيناً ابعد من ذلك ,,

فكل اناءٌ بما فيه ينضح ,, 
وكل انسان ان لم يخشع لله , اتبع اكثر من في الأرض , فأضلوه ,,

تدينهم لا يجاوز حناجرهم , مساجدهم عامرة في البنيان , خالية من الايمان , ,

يحسبون انهم على شيء , وهم ليسوا على شيء ,,

انما الايمان عندهم ان تقتنع ببعض الافكار التي حفظوها وتلقنوها , هذا ولأنهم يعبدون صنمهم الاعظم ,,

اما الايمان الحق فليس بعقيدة , بل هو ثقة في المجهول , وبراءة ودهشة , ذلك وان الله غني عن العالمين , فلن يزيد ملكه ان آمنا به , ولن ينقص منه شيئاً ان كفرنا جميعاً , فلماذا يأبه بما نعتقد , لكن الايمان الحقيقي هو رحلتك انت تجاه الله , وجزاؤك فيها ليس جنة ما سوف تحرزها في زمن ما بعد موتك , بل جنتك هي قربك والحياة التي سوف يهبها لك ,, 

الدين عندهم , عنوان , هوية , اما عند الله , فبماذا سوف تنفعك الهوية ان كان قلبك خاوياً ؟ ,

اذاً لا تغرنك الشعارات , والالقاب , والايات , والتراتيل , والمظاهر , وكثرة المآذن ,

فمعظم الناس لا يعرفون الله اصلاً بل يهربون منه ,,

فا سر انت في طريقك ,, ولا تتبع السبل ,, وستعرف الله بعيداً عن تعريفاتهم , وستدرك زيف ما يتدعون ,,