إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 7 أبريل 2018

هكذا تكلم المسيح 5 - كيف نرى حقيقة المسيح؟

هكذا تكلم المسيح 5 - كيف نرى حقيقة المسيح؟



37. قال تلاميذه: متى تظهر لنا، ومتى نراك؟
قال يسوع: عندما تتعرَّون بدون أن تخجلوا وتخلعون ثيابكم وتضعونها تحت أرجلكم كالأطفال الصغار وتدوسونها، عندئذٍ ترون ابن الحيِّ ولن تخافوا.

سأل التلاميذ يسوع متى تظهر لنا ومتى نراك، بالرغم من انه يقف أمامهم مباشرة، لكنهم هنا لم يكونوا بالتأكيد يسألونه عن الرؤية العادية، بل كانوا يسألونه عن رؤية حقيقته والتي هي ليست جسده، ولا تنتمي الى عالم الأجساد والأشكال، فهم يقفون أمامه بالفعل لكنهم ربما يعجزون عن رؤية حقيقته الروحانية، حينئذ اجاب يسوع بما يرفع عن عيونهم ما يحجبهم عن رؤية نوره الأزلي وحقيقته السرمدية.

قال يسوع: عندما تتعرَّون بدون أن تخجلوا وتخلعون ثيابكم وتضعونها تحت أرجلكم كالأطفال الصغار وتدوسونها، عندئذٍ ترون ابن الحيِّ ولن تخافوا.

لأن سؤال تلاميذه لم يكن يتحدث عن هيئة مادية بل حقيقة روحانية، كذلك كان جواب المسيح بالتأكيد فهو يتحدث عن ثياب ليست بالثياب المادية، وهي بشكل ما تعيق التلاميذ عن عرفان حقيقة المسيح.

يطلب المسيح منهم هنا أن يتعروا عن كل الأثواب دون خجل، فما هي ياترى تلك الأثواب؟

الأثواب هي كل ما يقف حائل بيننا وبين الحقيقة، هي كل تعريف نضعه لأنفسنا، كالأسم واللقب والإنتماء وغير ذلك، ثم هي صورتنا وصورة العالم، اي تصورنا ان الحقيقة هي ما نراه، ثم هي كل ما يتصوره ويتخيله عقلنا ويظن انه الحقيقة.

بالأمكان ان نقسم تلك الأثواب الى ثلاثة، كل واحد منها هو حجاب يحول بيننا وبين الحقيقة:

- الثوب الأول: هو عالم الاسماء والصفات: ويشمل كل اسم نطلقه على أنفسنا، ثم كل المسميات التي نطلقها على جميع الأشياء.

- الثوب الثاني: عالم الشكل والصور: وهو كل ما تراه اعيننا، وتصورنا ان الحقيقة هي ما نراه.

- الثوب الثالث: كل ما نتخيله، اي كل ما يمكن ان يتصوره العقل ويحيط به.

يطلب يسوع من التلاميذ ان يخلعوا كل هذه الثياب دون خجل او تردد، ويدوسونها بأقدامهم دون الشعور بالمرارة، يقول: تضعونها تحت اقدامكم كالأطفال، ليشير ان الأطفال عرايا لا يبالون بكل تلك الثياب، لذلك اشار يسوع في اكثر من موضع بأن الأطفال فقط من يدخلون الملكوت، وأنه اعطى الأطفال ما حرم منه أهل العلم والمعرفة.

فقط حين نخلع تلك الثياب جميعا، سنتمكن من معرفة الحقيقة، حقيقة أنفسنا وحقيقة كل نفس، وحينها فقط ان مر أمامنا شخص مثل يسوع، فلسوف نتمكن من رؤية نوره الذي هو اصل كل الأنوار، وحقيقته التي هي منبع كل الحقائق.

ثم يختم يسوع قوله ويقول: حينئذ تبصرون ابن الحي ولن تخافوا.

فقط حين التجرد عن كل الاسماء والصفات والصور والخيالات سنتمكن من معرفة حقيقة المسيح ورؤية نوره المستور خلف حجاب الجسد والإسم والصورة.

يجب ان نعرف أنه بإمكان شخص مثل يسوع أن يخرق كل الحجبات ويظهر حقيقته حتى قبل أن نصبح مهيئين لذلك، لكن مداركنا طالما كانت محدودة فلن نحتمل أبدا، لذلك قال: ستبصرون ابن الحي ولن تخافوا، فقط بعد النظر بعين مجردة من كل الحدود يمكن ان نرى "ابن الحي" ولن نخاف.