إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 2 نوفمبر 2015

الاله المزيف والاله الحق

ذلك القول الفصل وما هو بالهزل ,,


ان اراد احدٌ ما ان يضل العالم , فلن يظهر لك الشر في ثوب الشر , بل سيلبس الشر لباس الخير , وسيبذل اقصى ما عنده ليعمي عينك عن الخير ,,

حتى يضحى اهل الشر هم ساسة القوم , وزعماء الدين , ويضحى اهل الخير , هم الفاسدون , الكافرون , المتآمرون , المبتدعون الذين يريدون ان يغيروا الدين ,,

ولكن كيف تمكن اهل الزيف من الباس الحق بالباطل والباس الباطل بالحق ؟

لكي يحدث هذا عليك اولاً ان تتلاعب بالطريقة التي ينظر بها الناس للأمور , بأن تجعل الناس يرون فقط بعين عقولهم وافكارهم التي يسهل التلاعب بها لأنها تعتمد على ما تراه في الخارج , واجعلهم يهملون طبيعتهم وفطرتهم وما يشعرون به في اعماقهم ,,,

ابو الفساد هو هذا المبدأ : هناك قيم ما على الجميع الالتزام بها ,,

ثم لأن هذه القيم مستمدة من الآخرين , فيسهل على الجميع التلاعب بها , ويسهل حينها التحكم في الناس وتضليلهم , والباس الحق ثوب الباطل , والباطل ثوب الحق ,,

لكن ما هو الحق الحقيقي , وما هو الباطل الحقيقي ؟

الحق الحقيقي هو ما تشعر به , وهو حق حقيقي لك فقط , وليس نافعاً بالضرورة لغيرك , فكما خلق الله لنا اشكالاً متنوعة ومختلفة , وشخصيات فريدة , كذلك خلق لنا طرقاً متعددة , ومواهب شتى ,

فالحق ليس قيمة ما او قاعدة ما علينا الالتزام بها , بل هو اتباع كلٍ منا لشغفه في الحياة ,,

اما الباطل الحقيقي , فهو الزيف , الخداع , خداع النفس وخداع الاخرين , الانقصام الى اكثر من هوية , وارتداء مئات الآلاف من الاقنعة , ان يكون ما تشعر به شيء , وما تقوله شيء , وما تفعله شيء اخر ,,

لكن اهل الباطل قد نجحوا في ان يرفعوا من قيمة الادعاءات الزائفة , فأصبح كافياً بالنسبة لك لكي تصبح انساناً كريماً محترماً مقبولاً وسط المجتمع ان ترتدي احد الاقنعة التي يقدمونها لك , ان تدعي شيئاً ليس انت , ظناً منك ان بزعمك هذا انت على شيء , ولأنهم ليسوا على شيء , لذلك اعلوا من قيمة الادعائات ,,,

ثم قام اهل الباطل ,, بجعل الاعمال هي القيمة العظمى التي تلى الادعاء , فأضحى ادائك لبعض الاعمال والشعائر , كفيل بجعلك مقبولاً لدى المجتمع ومحطاً للإشادة والاعجاب ,

فأصبح الرجل , رغم المه وضياعه ومعناته , يتدعي الايمان , ويحارب من يراهم كفاراً واعدائاً لإيمانه ليثبت للجميع انه مؤمن , ثم يفعل الافعال الخيرة , ظناً منه بأن افعاله ستخلصه . لكنه عندما يختلي بنفسه تحاوطه هويته الحقيقية المكبوتة الحزينة المشتتة المدمرة من كل مكان , لأنها ظلت مهملة , لصالح الذات السطحية الخارجية المزيفة . ولم تتغذى على شيء ولم تتم رعايتها , لذلك تراها قد ذبلت , وهي الحقيقة وما دونها كذب ,

هكذا اصبح الانسان يقتل نفسه بيده , يقتل ذاته الحقيقية , من اجل ذات مزيفة مصطنعة , كمن يستبدل الوردة الحقيقية ذات العبق الجميل , بالوردة البلاستيكية الميتة ,, 

ثم وانطلاقا من هذه الذات المصطنعة , قام الانسان المصطنع المزيف , بخلق اصناماً عدة , اعظمها واشدها خطورةً , تلك الاصنام التي ليس لها تماثيل ولا ترى ,

قد ابتدع هؤلاء القوم الهاً مصطنعاً , وفقاً لما في ذواتهم المصطنعة , واستبدلوا الاله الحقيقي الحي , بذلك الاله المصطنع المزيف , واعطوا ذلك الاله المصطنع المزيف , اسم الحق , ثم شكلوه على اهوائهم , ثم عبدوه , وهم دائماً يشكلونه على اهوائهم ,,

فألاههم هذا ميت ليس له وجود , مصطنع كذواتهم المصطنعة , فهو لا يضر ولا ينفع , اله يمكنهم ان يعرفوا كيف يفكر , يرهبون به من يشائون من العباد , ويضلون به من يشائون , ولأنه غير حقيقي , فهو لا يقاوم ولا يرفض , بل ينصاع دائماً لتفسيراتهم واهوائهم ,,

فترى اله العرب عربي , واله الشرق شرقي , واله الغرب غربي , واله المسلمين مسلم , واله اليهود يهودي ,,

وتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ,,

هذا الاله المصطنع , هو الذي يكتفي فقط بادعائك , لكي يقبلك بين عباده , ويأخذ فقط بظاهر اعمالك , لكي يسكنك جنات النعيم , فإن قلت بعض الكلمات بلسانك , او غسلك احدهم بالماء , فقد قبلك الههم , لا يهم بعد ذلك اياً كان ما تفعله , ستحاسب عليه , ثم تستقر في الجنة وملكوت السماوات الى ابد الآبدين ,,

الههم ليس سوا امتداداً لهم , فهم من يبحثون عن المجد والكبرياء , وهم من يريدون ان يسبح الناس بحمدهم , لذلك حسبوا ان الله سيعاملهم بالمثل , هم اولائك الذين لا يرحمون حتى لأتفه الاسباب , لذلك تصوروا ان الله سيعذب رجلاً لم يتفوه ببضعة حروف الى الابد , هم لن يرحموك ان لم تفعل ما يريدون , لذلك تصوروا ان الله سبحانه مثلهم ,,

وكيف لهم ان يعرفوه , وهم لا يسمعون الا صوت انفسهم ؟ , ليس لهم الا ان ينحتوا صنماً بأيديهم فيعبدوه ,,

الله الحق , ليس معروفاً , محدوداً في حروف وكلمات الخلق , بل هو قريب جداً , اقرب من حبل الوريد , ولذلك هو مجهول جداً , لأننا اعتدنا ان نبحث عنه بعيداً , وهو قريب ,,

فمن اراد ان يعرف الله الحق ,,  عليه اولاً ان يبدأ في الاستماع لصوت المجهول , ويخشع , ويمضي الى حيث اراد له المجهول ان يمضي , فالجهل هو الحجاب بين الله والعبد , فإن مضيت فيه عبرت واخترقت , وان كنت تبحث فقط عن الراحة والامان والمعلوم , فحينها يمكنك ان تكتفي بذلك الصنم الكبير والوهم الاعظم الذي صنعه القوم ليغطوا به جهلهم بالحقيقة , وخوفهم من الحق ,,

ومن هنا بدأ البشر في الباس الحق بالباطل والباطل بالحق , يبدو ان الطريق الى الههم المزعوم , يختلف تماماً عن الطريق الى الله الحق , فهذا لكي تصل اليه عليك ان تنفذ الوصايا , وتتبع المعلوم , اما ذلك فعليك ان ترمي بكل شيء وراء ظهرك , وتولي وجهك شطر المجهول , لذلك كان اهل الله قلة , ولذلك كان اكثر الناس لا يؤمنون , ولا يعقلون , ولا يفقهون , ولا يبصرون ,

فقد استبدل الدين الحق , بأديان مزعومة مفتراة , لعبادة هذا الاله المزعوم المصطنع , فأضحى التدين بتلك الاديان هو الحجاب الاعظم امام معرفة الله الحق , بل واضحت الاديان ذاتها هي العدو الاكبر لمؤسيسها ذاتهم , من قلة اهل الله المصطفين المخلصين , فحولوا دينهم , الى اديان ميتة لعبادة الههم الميت المزعوم المعلوم ,

ان هذا الاله المزعوم , مسلماً عند المسلمين , مسيحياً عند المسيحين , يهودياً عند اليهود , هندوسياً عند الهندوس , فهو فقط منحاز لأتباعه , سوف يدخل المسلمين فقط دون غيرهم في رحمته , ويعذب العالم اجمع في جهنم خالدين فيها , وسيدخل من يقبلون المسيح "المزعوم ايضاً" ملكوته , ويهلك باقية البشر ,, ويفضل شعب اسرائيل على سائر البشر ويؤتيهم الملك في الدنيا وفي الآخرة ,,

فيحرض هذا الاله على الفرقة , وعلى البغضاء , واحياناً يأمر بالقتل , ان اراد وكلائه "رجال الدين" على الارض ذلك ,,,

ومن هذه المزاعم الكبيرة , تتفرع مزاعم عديدة صغيرة , فا في كل ديانة مذهب , وفي كل مذهب الف مذهب ,, هذا ولأنهم يعبدون الهاً معلوماً سهل تشكيله ومعرفته ودراسته وفهمه ,, وبذلك يكونوا هم من صنعوه وفقاً لما يعرفونه ,,

اما الاله الحق فهو محيطٌ بهم , فإنه كيف للأصغر ان يحيط بالأكبر , كيف للنقطة ان تحيط بالمحيط ؟ , فلا سبيل لهم بمعرفته بعقولهم , بل لا سبيل اليه الا بالاقبال اليه بقلبٍ فارغ وصافٍ , وبتكسير كل الاصنام , واولها الصنم الاعظم , الاله المزيف المعلوم الذي هو الحجاب الاعظم امام عرفان الله الحق الذي هو متسامٍ عن المعرفة والاحاطة بالفكر ,,

وحين ندرك ان الله متسامٍ حقاً عن الاحاطة بالفكر , سندرك ان كل ما يقال عنه بالتأكيد خاطيء , ولا يقصد به شيئاً غير صنمهم الاعظم والاكثر هشاشة , فإن قالوا لنا ان الله يأمر بالقتل والبغضاء من اجل اعلاء كلمته , سنقول لهم افٍ لكم ولإلهكم , فما حاجة الله ان يعلي كلمته , ان لم يرد الله الحق لهم الحياة لأفناهم بأمرٍ منه , الم يكن الله على كل شيءٍ قدير ؟!

وان تركهم للحياة , فمن انتم حتى تقتلونهم وقد اراد لهم الله الحياة ,

وان قالوا لكم لن يدخل الجنة الا من كان يهودياً او نصرانياً او مسلما , فاسألوهم اذاً عن مصير من كان قبلهم من خلق , قبل ان يخلق الله موسى وعيسى ومحمد والانبياء ,,

وما حاجة الله بعذاب الناس ليعذبهم , وهو الغني عن عبادتهم , او انكم تسقطون كبركم وغروركم على الله العزيز الكريم ؟

وان قالوا لكم اتبعوا ديننا تهتدوا , قولوا لهم لكم اديانكم ولنا دين , لكم اربابكم ولنا الله ,,

فإله المجتمع ليس هو اله محمد ولا موسى ولا عيسى , وان بعث فيهم محمداً من جديد لقتلوه , كما فعلوا من قبل مع كل انبياء الله , فريقاً كذبوا وفريقاً قتلوا , وفريقاً سيقتلون ,,

رغم زعمهم انهم هم اهل الله , فهم دائماً من يقتلون اهل الله , هم من تآمروا على المسيح ليصلبوه لأنهم قالوا "قد جدف على الله" , وهم من امروا سفائهم برجم محمداً لأنهم قالوا "يريد ان يغير عليكم دينكم" , وهم من قتلوا كل من نطق بالحق بين الخلق ,, بزعمهم انهم كانوا يغيرون دين الله , رافعين راية الحق وهم للباطل ينصرون ,,

هكذا اصبح جنود الشيطان , هم عباد الله الصالحين على الارض ورجال الدين واوصياء الله على الخلق , واضحى كل باحث , متجهاً لله , شيطاناً رجيم يريد ان يغير الدين ويضل الخلق ,,

ومن الشجرة الملعونة , لا تخرج الى افرع ملعونة , مخرجةً ثماراً ملعونة , فإن كان الاساس باطلاً , كانت الفروع ايضاً باطلة , وما خرج على باطل فهو باطل ,,

فإن كان الههم هو ابليس متنكراً مختبأً تحت اسم الله , فكل ما تفرع من دينهم باطل ,,

فصلاتهم باطلة , وصيامهم باطل , وصداقتهم باطلة , وحجهم باطل , وقرآنهم باطل , وايمانهم باطل ,,

وان كان الاصل حق ,,

فالصلاة حقة , والصيام حق , والصدقة حق , والحج حق , والقرآن حق , والايمان حق ,

فا في اديانهم , عليك ان تصلي , لمجرد ان تصلي , ويحسبون ذلك ايماناً , لظنهم ان الله سبحانه "يفرح" بتعظيمهم له , لمجرد ان يعظموه , وهو العظيم في ذاته تعالى عما يقولون

انما الصلاة , ان لم تشعرك بذلك الاتصال الذي بينك وبين الله , فلا حاجة لها لك , ولا قيمة لها عند الله ,,

وصومك , ان كان جوعاً وعطشاً وكبتاً , فلا حاجة لله به , اما ان كان انقطاعاً وتطهيراً للحواس , يصبح وسيلة للشعور بالمعية الالهية والحضور الالهي الحي , وهكذا يصبح صوماً ,

وصدقتك , ان كانت مقايضة مع الله , فلا حاجة لها , فالله الحق لا يحتاج لصدقاتك , اما ان كانت عطائاً صادقاً وفيضاً من المحبة , وتخلياً عن ما يجعل النفس تعلق بعالم الدنيا , فحينها تصبح الصدقة حقاً ذات نفع ,,

وهكذا , تقاس العبادات بمدى نفعها لك , يحسب الذين ضلوا واستحبوا الضلالة على الايمان ان اعمالهم انما هي مقايضة مع الله , ذلك لأنهم هكذا يفعلون , ولم تعرف عقولهم يقيناً ابعد من ذلك ,,

فكل اناءٌ بما فيه ينضح ,, 
وكل انسان ان لم يخشع لله , اتبع اكثر من في الأرض , فأضلوه ,,

تدينهم لا يجاوز حناجرهم , مساجدهم عامرة في البنيان , خالية من الايمان , ,

يحسبون انهم على شيء , وهم ليسوا على شيء ,,

انما الايمان عندهم ان تقتنع ببعض الافكار التي حفظوها وتلقنوها , هذا ولأنهم يعبدون صنمهم الاعظم ,,

اما الايمان الحق فليس بعقيدة , بل هو ثقة في المجهول , وبراءة ودهشة , ذلك وان الله غني عن العالمين , فلن يزيد ملكه ان آمنا به , ولن ينقص منه شيئاً ان كفرنا جميعاً , فلماذا يأبه بما نعتقد , لكن الايمان الحقيقي هو رحلتك انت تجاه الله , وجزاؤك فيها ليس جنة ما سوف تحرزها في زمن ما بعد موتك , بل جنتك هي قربك والحياة التي سوف يهبها لك ,, 

الدين عندهم , عنوان , هوية , اما عند الله , فبماذا سوف تنفعك الهوية ان كان قلبك خاوياً ؟ ,

اذاً لا تغرنك الشعارات , والالقاب , والايات , والتراتيل , والمظاهر , وكثرة المآذن ,

فمعظم الناس لا يعرفون الله اصلاً بل يهربون منه ,,

فا سر انت في طريقك ,, ولا تتبع السبل ,, وستعرف الله بعيداً عن تعريفاتهم , وستدرك زيف ما يتدعون ,,



الثلاثاء، 24 مارس 2015

الذين هم على صلاتهم دائمون

إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23)


تأمل عزيزي القاريء هذه الآيات ,,, 

الانسان خلق هلوعاً ,, اذا مسه الشر جزوعاً , واذا مسه الخير منوعاً ,,

الا المصلين ,, الذين هم على صلاتهم دائمون ,,

الذين هم على صلاتهم دائمون ,, ؟!!! 

اي الذين يعيشون طول الوقت في صلاة , اولئك يخرجون من دائرة الهلع , والجزع , والبخل والشح ,,,

كلمة صلاة اصلاً مشتقة من كلمة صلة , والصلاة هي الصلة بين العبد وبين الله ,,,

فكيف تكون الصلاة دائمة ؟ 

الجواب هو الخشوع , الحضور , 


روح الصلاة الحضور , فإن كنت خاشعاً او حاضراً في صلاتك تحسب صلاتك بقدر حضورك او خشوعك , وما غاب عنه ذهنك لا يحسب من ضمن صلاتك ,,,

فإذا استطعت ان تكون حاضراً , خاشعاً , على مدار يومك فقط وليس في صلاتك , سترتقي لمرتبة اخرى , وتتحرر من دائرة العجلة والصراع والاضطراب ,, 

الهلع , والخوف , والعجلة , وخشية الفقر , وامساك الخير ,, كلها منبعها واحد , وهو النفس الزائفة "الايجو EGO " ,,

ومنبع النفس الزائفة "الايجو" , هو التفكير في الماضي والمستقبل ,,, 

التفكير في الماضي , يشكل التفكير في المستقبل ,, 

الماضي كان اسوداً , فاشلاً , ستسعى في المستقبل لتجنب فشلك , واكمال نقصك ,,

فلا يمكنك ان تفكر في المستقبل بدون ان تفكر في الماضي ,, 

ولا يمكنك ان تشكل ذاتك الا من خلال التفكير في الماضي والمستقبل ,, 

لذلك كان الخشوع او الحضور , هو المخرج الوحيد من دائرة الهلع , والعجلة , من اين تأتي العجلة ؟ , من استعجال المستقبل , من التفكير فيما هو آتي , من غياب الحضور في اللحظة الحالية , ,,,

في صلاتك العادية "الصلوات الخمس" , تجرب الخشوع لبعض الوقت , لكنك سرعان ما تعود الى حالتك القديمة , وتعيش في حلقة الخوف والعجلة وعدم الارتياح 

لكن ان استطعت ان تحول الخشوع للحالة الطبيعية في يومك , فسيتلاشى تلقائياً الخوف , وتذهب العجلة , وتنسى امر عدم الارتياح 

وكيف احقق ذلك ؟ 

ليس الامر بالشيء الصعب , كل ما عليك , هو ان لا تفعل شيئاً , اترك الهلع "استعجال المستقبل" , وتمركز في ذاتك , كن ساكناً , وجه انتباهك فقط على ماهو كائن في هذه اللحظة ,,  

وكلما غفلت , وعدت للهلع والخوف , اعد نفسك مرة اخرى للحاضر ,, 

ولتكن هذه هي استراتجيتك , 

عندما تشعر بالخوف , بالحزن , بالقلق , بعدم الارتياح , لا تحاول ان تغير الموقف , افهم السر , عد الى صلاتك " خشوعك" , يختفي خوفك وحزنك ويعود لك ارتياحك ,,, بقدر خشوعك يكون سكونك , وبقدر سكونك تكون تحررت , من وهمي الماضي والمستقبل , ومن الهلع والقلق والاضطراب , تختفي الحاجة لديك من امساك الخير , لأن ما الدافع ان تمسك الخير الا خوفك من المستقبل ؟ , فإن كان انتباهك متوجهاً على هذه اللحظة فقط , فما الداعي لإمساك الخير , الخير سيتدفق , ولا داعي لإمساكه على الاطلاق , 
 
اجعل صلاتك على مدار يومك , 

احمل الخشوع معك , لكل لحظة في يومك , كن خاشعاً ,,

تكن من الذين هم على صلاتهم دائمون ,, 

تتحول من القلق والهلع والاضطراب , الى السكون والطمئنينة والحياة 



السبت، 21 مارس 2015

هكذا تكلم المسيح -3 - اعرف ما يواجهك

هكذا تكلم المسيح - 3 


. قال يسوع: الشيخ الطاعن في السن لن يتأخر عن سؤال الطفل ابن السبعة أيام عن مكان الحياة، وذلك الشخص سوف يحيا. فكثيرون من الأوَّلين سيكونون آخرين ويصيرون واحداً.


ما اعتدنا عليه جميعاً , هو ان نعلم الصغار لكي يصيروا كباراً , ان الشخص الاكبر سناً هو الاكثر احاطة بالعالم , ربما يكون هذا صحيحاً في عالم المادة والحياة الدنيا , يمكنك ان تعلم صغيرك كيف يأكل , او كيف يشرب , او كيف يمشي ,, 


لكن عندما يأتي الامر للحديث عن الله , عن ملكوت السماوات , عن الحقيقة , فلتنصت للطفل , فالطفل هو الاقرب , لأنهم اقرب الى فطرتهم وسجيتهم والى البراءة والصدق , 


ولكن ما نصنعه نحن معاكس تماماً , فنحن ننتظر قليلاً , الى ان يبدأ الطفل ان يعقل , ثم نقوم بدس جميع انواع السموم في عقله , نفرض عليه اشياء , نعلمه ان لا يثق فيما يعرفه بل فيما نعرفه , نفرض عليه الذهاب للمسجد او للكنيسة لأداء الصلاة بالطريقة التي اعتدنا عليها , نفرض عليه الانصياع للكتاب المقدس او للقرآن , نعلمه كل شيء قد تعلمناه , 


ولكن الم يأتي هذا السؤال في ذهن احدنا من قبل ؟ , الم يتسائل احدنا , هل ما اعرفه حقاً قد جعل مني انساناً افضل , هل حقاً عرفت الله ؟ , هل حقاً انا متدين ؟ ,, 


ان صدق المرء مع نفسه , لاكتشف حقيقة زيفه , ومن يكتشف الزيف يكتشف الحقيقة , ولكن الحقيقة اننا لدينا الكثير من الكبر الذي يمنعنا من ان نتقبل ببساطة حقيقة اننا لا نعرف ,, 


اتسائل , ما الحاجة للإيمان وللعقيدة , ما دام الانسان يعرف حقاً , لماذا لم اسمع عن احد يؤمن بالشمس ؟ , لماذا لم اسمع عن احد يؤمن بالقمر , هل يمكنك ان تنكر وجود كاتب هذا الكلام الآن ؟ , هل هناك اي داعي لأن تؤمن انني موجود , مادمت توقن فعلاً اني موجود ؟ ,, 


لماذا اذاً نسمع كثيراً عن الايمان بالله , والايمان بالمسيح , او بمحمد , او بالأنبياء , هذا ببساطة يدل على جهلنا , لأن الإيمان "بالمعنى الذي نعرفه" هو غطاء لجهلنا ليس اكثر , ان كنت تعرف فلن تكون بحاجة ان تؤمن ,, 


وان كنت لا تعرف , وتريد ان تعرف ؟ فماذا تفعل ؟ , اسأل من يعرف , وتوقف عن نشر وفرض ما تعتقده على ابناءك ورعيتك مادمت انت نفسك لا تعرفه ,,,


ومن هو الذي يعرف ؟ ,, هو الذي لا يعرف ,, 


كيف تقول انه ان كنت لا تعرف فاسأل من يعرف , ثم تقول من يعرف هو من لا يعرف ؟


من لا يعرف ويظن انه يعرف هو اجهل الناس , ومن يعرف ولا يعرف انه يعرف هو احكم الناس , 


ان اردت ان تسأل شيئاً عن الله , فلتسأل الشجرة , فهي تعرف الله بحق , بدون ان تعرفه , 


ان اردت ان تعرف الله بحق , فاسأل الطفل , فهو الاقرب للفطرة , للبراءة , 


انت لم تكن جاهلاً وجئت لتتعلم هنا , بل انك كنت فارغاً , وفراغك ذاته هو الذي كان يجعلك ممتلأً , فالطفل فارغ , ولديه المساحة لأن يستقبل النور من الله مباشرة , بدون ان يعرف كتب , ولا رجال دين , ولا عقائد , الطفل يعرف الله , كما تعرفه الفراشة وكما يعرفه العصفور وكما تعرفه الحية , 


ولكن عندما يخرج الطفل الى العالم , يظن الناس بجهلهم ان فراغهه جهلاً فيبدأون في حشوه , في ملأه , بالمعارف المستعارة , بالكتب المقدسة , بالتفاسير , بالقصص , بالمناهج , بالتقاليد , فبدل ان يزداد الطفل بعد ملأه ينقص , مثل ذلك كمثل من لديه صندوقاً ذهبياً جميلاً , يملأه بالعفن والمخلفات , ثم يأتي بعد ذلك ليضع فيه الجواهر والذهب , فلا يجد فيه متسع , 


لكي يمتلإ الصندوق بالجواهر النفيسة , علينا اولاً ان نفرغ ما بداخله من مخلفات غير ضرورة ,,,


كل ما قد عرفناه عن الله وعن الدين وعن الحقيقة , عن الصواب وعن الخطأ , عن ماهو جائز وماهو غير جائز , انما هو مخلفات , لن نعرف اي شيء حقاً الا عندما نفرغ قلوبنا منها تماماً ,, 


ثم بماذا نملأها ؟ 


لا يجب علينا ملأها بأي شيء , بل في الفراغ ذاته الامتلاء بالحق ,,,


لذلك قال يسوع ان الشيخ الطاعن في السن سيسأل الطفل ابن السبعة ايام عن الحياة , وان ذلك الشخص سوف يحيا , 


فالشيخ الطاعن في السن , الذي حصل من المعرفة والتجارب الكثير , هو الابعد عن الحق , وليس الاقرب كما قد يبدو , هو اقرب للجهالة , لأن صندوقه ممتليء بالكثير الكثير من الاشياء , وكلما كان ممتلئاً , كلما صعب تفريغه , وكلما كان ممتلإً كلما تلاشت امكانية ادراك الحقيقة , استقبال الحقيقة ,, 


فعلى هذا الشيخ الطاعن في السن , ان يصير كالطفل ابن سبعة ايام , الذي لا يعرف شيئاًً , ويتحول من كونه من الاولين , الى كونه من الاخيرين , الجديدين , البريئين , الذين لا يعرفون شيئاً , حينها فقط سوف يحيا ,,


فكثيرٌ من الاولين سيكونون آخرين ويكونون واحداً ,,


الكثير من الكبار , سيعودون صغاراً من جديد , وحينها , يصبح الكبير صغيراً , ويصبح الصغير كبيراً , واولئك الذين يعودون الى الخلف , ويفرغون اكوابهم , اولئك الذين يعودون بحال برائتهم كالأطفال , يمتلأون بالحياة , والدهشة , وكلما كثرت المعرفة , كلما طمس نور حاملها , وكلما كان اكثر براءة , اكثر فراغاً من الداخل , كلما سطعت شمسه , وامتلأ بالحياة 



5. قال يسوع: اعرفْ ما يواجهك، وما يخفى عليك ينكشف لك. فما من خفيٍّ إلا سينكشف.




اعتدنا دائماً على ان نهتم بالغد , بالمستقبل , بالمجهول , بيوم القيامة , بالعالم الآخر , بمعرفة الحقيقة , باكتشاف الاسرار , واهملنا تماماً الزمن الاهم , وهو الحاضر , والحقيقة الاهم , وهي ماهو امام اعيننا الآن , 


ولذلك سبب اساسي , وهو انه , ان ادركت الشيء البسيط الذي يواجهك الآن , فما الامتياز الذي ستحصل عليه , اين التميز في ان تدرك ماهو بين يديك ؟ , لا يوجد اي تميز في ذلك , لكن حينما يتعلق الامر باكتشاف شيء ما , بعيد , معقد , صعب , مختفي , تعلم جيداً ان من يكتشف الخفي , ويحقق الصعب , يصبح مميزاً , يصبح قوياً , لذلك تذهب من اجل اكتشاف البعيد , وتترك البسيط الذي يواجهك


هناك قاعدة بسيطة جداً , لن تسعى الى التميز , الا اذا كنت تعلم انك غير مميز , وهذا ما قد تعلمناه , انك لن تكون قوياً , مميزاً , او حتى مقبولاً بين الناس , الا اذا حققت اشياء صعبة بعيدة المنال , 


نسعى لأن نثبت للجميع , اننا اقوياء , اذكياء , مميزين , وذلك لأننا بأعماقنا نشعر اننا غير ذلك ,,,


هي عادة العقل دائماً ان يفكر في الشيء البعيد , صعب المنال , الشيء الخفي , وبسبب هذه العادة نفسها , لا يدرك الشيء البسيط جداً الذي امامه , وكيف يمكنه ان يدرك الشيء الذي امامه , وهو شارد هناااااااك في البعد السحيق , 


لكي تدرك اولاً ما يواجهك , لابد ان يكون عقلك هنا ايضاً في الحاضر , ليس هناك باحثاً عن المستقبل البعيد الذي لا يأتي ابداً ,,, 


وكيف لك ان تدرك الصعب البعيد وانت لا تدرك السهل البسيط الذي يواجهك ؟ , انت حتى لا تدرك ما امامك , فكيف لك ان تدرك ما خفي عنك ؟ 


يقول يسوع , اعرف ما يواجهك , وما خفي عنك ينكشف لك 


بدل من ان تبحث في البعيد , في المستقبل , اعرف فقط ما يواجهك , والبعيد الخفي , سينكشف عندما يحين وقته , لأنك وقتها ستكون مستعداً لتكتشفه , فإن كان عقلك شارداً دائماً في المكان البعيد , حتى لو ظهر لك الشيء الخفي الذي تبحث عنه دائماً لن تدركه , لأن عقلك قد اعتاد النظر بعيداً ,, 


ان كنت تبحث عن البعيد الخفي , فلن تعرف حتى القريب الذي يواجهك 


وان اصبحت واعياً فقط , حاضراً بذهنك لذلك البسيط الذي يواجهك الآن , سينكشف لك الخفي البعيد ايضاً ,, 


يتبع ..