إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 21 مارس 2015

هكذا تكلم المسيح -3 - اعرف ما يواجهك

هكذا تكلم المسيح - 3 


. قال يسوع: الشيخ الطاعن في السن لن يتأخر عن سؤال الطفل ابن السبعة أيام عن مكان الحياة، وذلك الشخص سوف يحيا. فكثيرون من الأوَّلين سيكونون آخرين ويصيرون واحداً.


ما اعتدنا عليه جميعاً , هو ان نعلم الصغار لكي يصيروا كباراً , ان الشخص الاكبر سناً هو الاكثر احاطة بالعالم , ربما يكون هذا صحيحاً في عالم المادة والحياة الدنيا , يمكنك ان تعلم صغيرك كيف يأكل , او كيف يشرب , او كيف يمشي ,, 


لكن عندما يأتي الامر للحديث عن الله , عن ملكوت السماوات , عن الحقيقة , فلتنصت للطفل , فالطفل هو الاقرب , لأنهم اقرب الى فطرتهم وسجيتهم والى البراءة والصدق , 


ولكن ما نصنعه نحن معاكس تماماً , فنحن ننتظر قليلاً , الى ان يبدأ الطفل ان يعقل , ثم نقوم بدس جميع انواع السموم في عقله , نفرض عليه اشياء , نعلمه ان لا يثق فيما يعرفه بل فيما نعرفه , نفرض عليه الذهاب للمسجد او للكنيسة لأداء الصلاة بالطريقة التي اعتدنا عليها , نفرض عليه الانصياع للكتاب المقدس او للقرآن , نعلمه كل شيء قد تعلمناه , 


ولكن الم يأتي هذا السؤال في ذهن احدنا من قبل ؟ , الم يتسائل احدنا , هل ما اعرفه حقاً قد جعل مني انساناً افضل , هل حقاً عرفت الله ؟ , هل حقاً انا متدين ؟ ,, 


ان صدق المرء مع نفسه , لاكتشف حقيقة زيفه , ومن يكتشف الزيف يكتشف الحقيقة , ولكن الحقيقة اننا لدينا الكثير من الكبر الذي يمنعنا من ان نتقبل ببساطة حقيقة اننا لا نعرف ,, 


اتسائل , ما الحاجة للإيمان وللعقيدة , ما دام الانسان يعرف حقاً , لماذا لم اسمع عن احد يؤمن بالشمس ؟ , لماذا لم اسمع عن احد يؤمن بالقمر , هل يمكنك ان تنكر وجود كاتب هذا الكلام الآن ؟ , هل هناك اي داعي لأن تؤمن انني موجود , مادمت توقن فعلاً اني موجود ؟ ,, 


لماذا اذاً نسمع كثيراً عن الايمان بالله , والايمان بالمسيح , او بمحمد , او بالأنبياء , هذا ببساطة يدل على جهلنا , لأن الإيمان "بالمعنى الذي نعرفه" هو غطاء لجهلنا ليس اكثر , ان كنت تعرف فلن تكون بحاجة ان تؤمن ,, 


وان كنت لا تعرف , وتريد ان تعرف ؟ فماذا تفعل ؟ , اسأل من يعرف , وتوقف عن نشر وفرض ما تعتقده على ابناءك ورعيتك مادمت انت نفسك لا تعرفه ,,,


ومن هو الذي يعرف ؟ ,, هو الذي لا يعرف ,, 


كيف تقول انه ان كنت لا تعرف فاسأل من يعرف , ثم تقول من يعرف هو من لا يعرف ؟


من لا يعرف ويظن انه يعرف هو اجهل الناس , ومن يعرف ولا يعرف انه يعرف هو احكم الناس , 


ان اردت ان تسأل شيئاً عن الله , فلتسأل الشجرة , فهي تعرف الله بحق , بدون ان تعرفه , 


ان اردت ان تعرف الله بحق , فاسأل الطفل , فهو الاقرب للفطرة , للبراءة , 


انت لم تكن جاهلاً وجئت لتتعلم هنا , بل انك كنت فارغاً , وفراغك ذاته هو الذي كان يجعلك ممتلأً , فالطفل فارغ , ولديه المساحة لأن يستقبل النور من الله مباشرة , بدون ان يعرف كتب , ولا رجال دين , ولا عقائد , الطفل يعرف الله , كما تعرفه الفراشة وكما يعرفه العصفور وكما تعرفه الحية , 


ولكن عندما يخرج الطفل الى العالم , يظن الناس بجهلهم ان فراغهه جهلاً فيبدأون في حشوه , في ملأه , بالمعارف المستعارة , بالكتب المقدسة , بالتفاسير , بالقصص , بالمناهج , بالتقاليد , فبدل ان يزداد الطفل بعد ملأه ينقص , مثل ذلك كمثل من لديه صندوقاً ذهبياً جميلاً , يملأه بالعفن والمخلفات , ثم يأتي بعد ذلك ليضع فيه الجواهر والذهب , فلا يجد فيه متسع , 


لكي يمتلإ الصندوق بالجواهر النفيسة , علينا اولاً ان نفرغ ما بداخله من مخلفات غير ضرورة ,,,


كل ما قد عرفناه عن الله وعن الدين وعن الحقيقة , عن الصواب وعن الخطأ , عن ماهو جائز وماهو غير جائز , انما هو مخلفات , لن نعرف اي شيء حقاً الا عندما نفرغ قلوبنا منها تماماً ,, 


ثم بماذا نملأها ؟ 


لا يجب علينا ملأها بأي شيء , بل في الفراغ ذاته الامتلاء بالحق ,,,


لذلك قال يسوع ان الشيخ الطاعن في السن سيسأل الطفل ابن السبعة ايام عن الحياة , وان ذلك الشخص سوف يحيا , 


فالشيخ الطاعن في السن , الذي حصل من المعرفة والتجارب الكثير , هو الابعد عن الحق , وليس الاقرب كما قد يبدو , هو اقرب للجهالة , لأن صندوقه ممتليء بالكثير الكثير من الاشياء , وكلما كان ممتلئاً , كلما صعب تفريغه , وكلما كان ممتلإً كلما تلاشت امكانية ادراك الحقيقة , استقبال الحقيقة ,, 


فعلى هذا الشيخ الطاعن في السن , ان يصير كالطفل ابن سبعة ايام , الذي لا يعرف شيئاًً , ويتحول من كونه من الاولين , الى كونه من الاخيرين , الجديدين , البريئين , الذين لا يعرفون شيئاً , حينها فقط سوف يحيا ,,


فكثيرٌ من الاولين سيكونون آخرين ويكونون واحداً ,,


الكثير من الكبار , سيعودون صغاراً من جديد , وحينها , يصبح الكبير صغيراً , ويصبح الصغير كبيراً , واولئك الذين يعودون الى الخلف , ويفرغون اكوابهم , اولئك الذين يعودون بحال برائتهم كالأطفال , يمتلأون بالحياة , والدهشة , وكلما كثرت المعرفة , كلما طمس نور حاملها , وكلما كان اكثر براءة , اكثر فراغاً من الداخل , كلما سطعت شمسه , وامتلأ بالحياة 



5. قال يسوع: اعرفْ ما يواجهك، وما يخفى عليك ينكشف لك. فما من خفيٍّ إلا سينكشف.




اعتدنا دائماً على ان نهتم بالغد , بالمستقبل , بالمجهول , بيوم القيامة , بالعالم الآخر , بمعرفة الحقيقة , باكتشاف الاسرار , واهملنا تماماً الزمن الاهم , وهو الحاضر , والحقيقة الاهم , وهي ماهو امام اعيننا الآن , 


ولذلك سبب اساسي , وهو انه , ان ادركت الشيء البسيط الذي يواجهك الآن , فما الامتياز الذي ستحصل عليه , اين التميز في ان تدرك ماهو بين يديك ؟ , لا يوجد اي تميز في ذلك , لكن حينما يتعلق الامر باكتشاف شيء ما , بعيد , معقد , صعب , مختفي , تعلم جيداً ان من يكتشف الخفي , ويحقق الصعب , يصبح مميزاً , يصبح قوياً , لذلك تذهب من اجل اكتشاف البعيد , وتترك البسيط الذي يواجهك


هناك قاعدة بسيطة جداً , لن تسعى الى التميز , الا اذا كنت تعلم انك غير مميز , وهذا ما قد تعلمناه , انك لن تكون قوياً , مميزاً , او حتى مقبولاً بين الناس , الا اذا حققت اشياء صعبة بعيدة المنال , 


نسعى لأن نثبت للجميع , اننا اقوياء , اذكياء , مميزين , وذلك لأننا بأعماقنا نشعر اننا غير ذلك ,,,


هي عادة العقل دائماً ان يفكر في الشيء البعيد , صعب المنال , الشيء الخفي , وبسبب هذه العادة نفسها , لا يدرك الشيء البسيط جداً الذي امامه , وكيف يمكنه ان يدرك الشيء الذي امامه , وهو شارد هناااااااك في البعد السحيق , 


لكي تدرك اولاً ما يواجهك , لابد ان يكون عقلك هنا ايضاً في الحاضر , ليس هناك باحثاً عن المستقبل البعيد الذي لا يأتي ابداً ,,, 


وكيف لك ان تدرك الصعب البعيد وانت لا تدرك السهل البسيط الذي يواجهك ؟ , انت حتى لا تدرك ما امامك , فكيف لك ان تدرك ما خفي عنك ؟ 


يقول يسوع , اعرف ما يواجهك , وما خفي عنك ينكشف لك 


بدل من ان تبحث في البعيد , في المستقبل , اعرف فقط ما يواجهك , والبعيد الخفي , سينكشف عندما يحين وقته , لأنك وقتها ستكون مستعداً لتكتشفه , فإن كان عقلك شارداً دائماً في المكان البعيد , حتى لو ظهر لك الشيء الخفي الذي تبحث عنه دائماً لن تدركه , لأن عقلك قد اعتاد النظر بعيداً ,, 


ان كنت تبحث عن البعيد الخفي , فلن تعرف حتى القريب الذي يواجهك 


وان اصبحت واعياً فقط , حاضراً بذهنك لذلك البسيط الذي يواجهك الآن , سينكشف لك الخفي البعيد ايضاً ,, 


يتبع ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق