إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 12 يناير 2013

غداً قد يكون او لا يكون



لقد اعتدنا على ان ننشغل دائماً بالغد .. ان مجتمعنا مهووس بشيئين .. بماذا سوف يحدث 
بالمستقبل .. وماذا حدث في الماضي

لكن اين ما يحدث الآن ؟؟؟ لقد اهملنا الحاضر من اجل المستقبل الذي لا يأتي والماضي الميت الذي انتهى واختفى من الحياة ولم يعد له وجود الا في الكتب والذكريات 


نعم ان المستقبل لا يأتي ابداً .. فكل ما يأتي هو الحاضر .. المستقبل مجرد فكرة وسيبقى مجرد فكرة .. فنحن نعيش في الحاضر .. لا نعيش في الماضي ولا المستقبل 

هل يمكن ان تعيش الآن في هذا المستقبل ؟؟ .. هي يمكن ان تعيش الآن في الماضي .. اين المستقبل ؟؟ .. اين الماضي ؟؟؟

ان فكرة المستقبل دائماً ما تتردد في اذاهننا .. وتؤثر على الحاضر الحقيقي الذي نعيشه .. فخوفك من المستقبل يؤثر على حاضرك .. لن تتمكن من العيش بحرية كاملة طالما انك تخاف من المستقبل ..

واصلاًً خوفك من المستقبل مستمد من تجاربك الماضية .. او معرفة قد تعلمتها في الماضي .

ان الماضي والمستقبل يدمران ويشوهان حاضرك .. لدرجة انك لا تعيشه اصلاً .. مجتمعنا غارق في الماضي والمستقبل وليس له اي حاضر .. وهكذا يعلمونا في المدارس وفي الاعلام وفي المساجد والكنائس والمعابد وفي كل مكان !!

ان هذا المستقبل المفترض .. سيكون مشوهاً .. ان كان الحاضر مشوهاً .. ان كنت لا تعيش الآن بكل طاقتك .. فإن مايستمر بالحدوث هو الحاضر المشوه .. 

ان مخاوفنا نادراً ما تحدث .. وان حدثت تمر .. بدون ان نموت !! فمن ما الخوف اذاً ولماذا القلق ؟؟ طالما انه لا شيء يدعوا للقلق على الاطلاق !!!

ان هذا اليوم الذي يأتي .. هو يوم فريد لن يتكرر مرة اخرى .. يأتي مرة واحدة فقط .. ونحن ننشغل بالمستقبل والماضي عن جمال وروعة ما يحدث الآن .. ان استمر الماضي والمستقبل بالتواجد في اذاهننا فسنستمر في فقدان الشيء الوحيد الحقيقي والذي يهم بحق وهو مايحدث الآن !!

الحياة بسيطة جداً .. التعقيد لا يأتي الا من القلق من المستقبل .. او التأثر من الماضي .. لكن الحياة الآن بسيطة ..  فابسقوط المستقبل .. تسقط كل مخاوفنا تقريباً !!

نحن الآن لدينا حياة .. فلنعيشها .. وليكن السؤال بدلاً من هل لدي مستقبل جيد .. لـ هل لدي حاضر جيد ؟؟







الاثنين، 7 يناير 2013

الدين كما هو كائن -2 - الحلال والحرام



سلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

بالجزء الأول حكينا عن اننا بس محتاجين نتخلى عن فهمنا التقليدي للدين لنتمكن من فهمه كما هو بالحقيقة وبالأصل بدون اي اسقاطات واي اساطير واي بطيخ

السلسلة دي كل لما يجي ببالي اكتب شيء فيها هكتب .. دلوقتي طالع ببالي احكي عن موضوع الحلال والحرام والحسنات والسيئات الخ 

دايماً بنسمع احنا من صغرنا عن الحلال والحرام .. بنسمع اهلنا الطيبين بينصحونا اننا نعمل الحاجات الحلال ونترك الحاجات الحرام .. 

بنفهم احنا الحلال والحرام زي ما اهلنا فهموه كمان .. انه الحلال هو اللي ربنا امر بيه .. والحرام هو اللي ربنا حرمه .. وانه احنا بنتحاسب على اعمالنا وعلى اساسها بناخذ جزائنا او عقابنا 

بس السؤال اللي ماتسألش هو ليه ربنا امر ببعض الأشياء "الحلال" .. ونهى عن بعض الأشياء "الحرام" .. وليه نتحاسب على الاعمال دي .. ايه الحكمة من كل ده 

الكثير من الناس مابيطرحوا السؤال اللي هو ليه ربنا امر بكده .. لإعتبارهم ان في شغلات في الدين قطعية وانه مفيش فيها مجال للنقاش .. وخوفاً من ان طرح النوع ده من التساؤلات يعرض صلتهم بالدين للخطر الخ

وطبعاً الخطر من طرح هذا النوع من التساؤولات هو ليست خطر عالدين .. بل هو خطر فقط على الوهم والغير حقيقي الذي نعتبره نحن من الدين .. تبدأ الحقيقة في الاقتراب اكثر واكثر كلما ابتعدنا عن مخاوفنا

الله سبحانه وتعالى دائماً وابداً ليس بحاجة لأعمالنا او لأقوالنا او لأي شيء .. وهذا يجعلنا نتسائل .. لماذا كل هذا اصلاً لماذا امرنا بالحلال ونهى عن الحرام 

عزيزي القاريء دعنا من الفكرة القديمة والمفهوم القديم لكلمتي الحلال والحرام .. هنا سأطرح عليك مفهوم مختلف نابع من التجربة الحية 

الحلال : هي تلك الافعال التي تعود عليك انت بأثر طيب
الحرام : هي تلك الأشياء التي تعود عليك انت بأثر سيء

الاثر الطيب هو : الحسنات
الاثر السيء هو :السيئات

ولأن الافعال تعود عليك بأثر طيب لذلك اصبحت حلال .. ولأن الافعال الاخرى تعود عليك بأثر سيء لذلك اصبحت حرام .. ليس الموضوع موضوع تسلط من الاله عالبشر .. بل ان ماجاء وورد فيما يخص الحلال والحرام انما كان للإعلام ليس لجبر الناس عليها

ماهي الحسنات وماهي السيئات ؟
طبعاً مفهوم هذه الكلمات في ذهننا هو ان الحسنات هي تسجيل اعمالنا الطيبة على ورقة .. والسيئات هي تسجيل الاعمال السيئة بنفس الطريقة .. ثم بعد ذلك يأتي الله ويحاسبه على ماهو مكتوب 

انظر .. هاهو نفس التصور الاحمق .. فهمنا الامور يكون هكذا لأننا نتصور ان الله شخص خارق .. يتعامل مثلما يتعامل البشر فيما بينهم .. بنفس قوانيهم .. بل وبنفس مبادئهم ايضاً !!

الله سبحانه وتعالى ليس مثل البشر ابداً وليس مثل اي شيء .. الامور عند الله ليست كما عندنا نحن هنا .. الله لا يتصرف مثلما نتصرف نحن 

في الاديان قد ترى الله قريب جداً من الصورة التي نعرفها عن الانسان العظيم .. لكن هذا ليس لأن الله فعلاً انسان عظيم وخارق .. لكن لأن الاديان حاولت تقريب الصورة من الفكر البشري قدر المستطاع 

لما انت تتكلم مع طفل .. انت تلقائياً هتلاقي نفسك بتحاول تكلمه باللغة التي يفهمها .. لو حكيته بلغتك انت مش هيفهم منك حاجة .. ده مش معناه ان الامور تبدوا كما ادركها الطفل .. بل عندما ينضج هذا الطفل سيفهم ماذا كنت تقصد اكثير

الديانة الاسلامية تحديداً جائت في بيئة من الجهل والغباء والتعصب ووو .. والناس وقتها كانوا ابعد ما يكون عن الدين .. لذلك جاءت الديانة الاسلامية بشكل يفهمه هؤلاء .. املاً في ان يتغير فهمهم عندما يزدادوا نضجاً او يتطور وعيهم 

لكن ومع الاسف نحن توقفنا عند حد النص .. فلم يحدث اي تطور ولم نتيح له ان يحدث اصلاً .. كان يجب علينا ان نبحث عن المعنى لا ان نظل عالقين في النص 

اذاً ممكن ان تفهم من النص ان الحسنات والسيئات هي اشياء تسجل على ورقة ثم فيما بعد يحاسبك عليها الاله .. لكن خلينا ننظر للموضوع من مكان مختلف

ماذا لو كانت اعمالنا الطيبة واعمالنا الخبيثة هي بمثابة مغناطيس للجزاء ؟
ماذا لو كان الجزاء هو شيء قائم يتفاعل تلقائياً مع اعمالنا الطيبة او الخبيثة ؟

دائماً الحقيقة واحدة ولكن قد تختلف اللغة من مكان الى آخر بحسب ثقافة الناس .. في بلاد الهند وفي الديانات الشرقية لا يوجد ما يسمى حسنات او سيئات .. بل يوجد طاقة ايجابية وطاقة سلبية .. تلك الطاقة الايجابية تتولد من الاعمال والنوايا الصالحة الطيبة .. والطاقة السلبية تتولد من النوايا السيئة والافعال السيئة 

لنوضح اكثر .. في الشرق يقولون ان جسم الانسان محاط بمجال من الطاقة .. هذه الطاقة مكونة من ذبذبات .. هذه الذبذبات المحاطة بالجسم تجذب بدورها الذبذبات المتكافئة معها .. وكل شيء في الكون هو ذبذبات في الاصل وليس مادة ..  وتلك الذبذبات المتنوعة المختلفة التردد ينجذب تلقائياً المتشابه منها مع بعضه البعض 

المجال الذبذبي للإنسان يتغير وفقاً لما فيه داخله ووفقاً لما يفعله وما يقوله الخ .. فعندما مثلاً اقوم بلعن او بشتم احد .. تبدأ ذبذباتي في اتخاذ شكل متكافيء مع هذا الفعل .. وتبدأ الاشياء المشابهة لهذه الذبذبات بالانجذاب تلقائياً .. فإن فعلت او قلت شراً فسوف تجذب احداث - اشخاص - اشياء متوافقة مع فعلك وهذا مايدعى الجزاء وما يسمى في الشرق ب الكارما

هذا بالظبط نفس ماهو موجود في الدين عن الحسنات والسيئات لكن بلغة يفهمها .. في الشرق وفي الهند متبحرين ومتعمقين في هذه الامور لذلك اتت الامور عندهم في هذا الجانب بتفصيل اكبر 

"وما كان ربك بمهلك القرى بظلمٍ واهلها مصلحون"
"ولو ان اهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض"
"ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس "
"فأهلكناهم بذنوبهم"
"ومن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره"

الجزاء يكون من جنس العمل .. وهو شيء يحدث تلقائياً .. ما انت عليه هو ما تجازى به هنا وبعد الممات وربما اشرح ذلك بالتفصيل فيما بعد 

كتابة الحسنات والسيئات لا تكتب على ورقة كراسة .. بل تكتب عليك انت .. فعلياً هي تنطبع على هالتك .. اذا استغفرت الله من سيئة معينة تنمحي السيئة فالله غفور والغفران طبيعته .. ومع الاستغفار بشكل دائم بنية محو كل السيئات "الطاقة السلبية" .. يصبح مجالنا الطاقي "صحيفتنا" نقية ومشعة .. وتبدأ الامور في واقعنا المادي تتحسن .. وتبدأ البركة في الظهور .. لذلك ارتبط في كثير من الاحيان الرزق بالإستغفار في الاسلام

"وقلت استغفروا ربكم انه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموالٍ وبنين ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم انهاراً"

ولنفس السبب كان الانبياء يدعون الناس للإستغفار حتى لا تعود عليهم عاقبة افعالهم السيئة .. لذلك فكل قرية من القرى التي ذكرت قصة هلاكها في القرآن ارسل الله لها نبي ليدعوا الناس لتعديل مسارهم والاستغفار وفتح صفحة جديدة مع الوجود .. والا فكان ينذرهم من هلاك يصيبهم اثر تراكم اعمالهم السيئة 

هؤلاء مجموعة من الناس طغوا في اعمالهم ونواياهم السيئة ومخالفتهم لنظام الوجود وطبيعته .. مما شكل مجال طاقي سلبي جماعي لهذا المكان الذي يسكنون فيه .. وهذه الطاقة السلبية الكثيفة المتجمعة ان لم يتم محوها وتنظيفها من خلال الاستغفار والصلاة والدعاء فسوف تقوم بجذب جزاء ضخم متوافق مع هذه الطاقة .. لذلك كانت دائماً كل القرى يرسل الله لها انبياء ليحاولوا اعادة توجهيهم من جديد قبل ان تحل عليهم لعنة اعمالهم

وكون حسناتنا وسيائتنا هي طاقة تنطبع على مجالنا الطاقي .. فهذا يعني ايضاً انه كلما حافظنا على نقائنا من السيئات والتي هي الطاقة التي انطبعت على حالتنا وفقاً لأعمالنا ونوايانا من وراء هذه الاعمال ان جزاء هذا شيء متوافق معه .. فتتحول حياة الشخص كلها الى بركة .. قبل الممات وبعد الممات ايضاً 

عندما يتحدث القرآن او الرسول عن ان هناك اشياء محرمة وهناك اعمال تكسب حسنات .. فهو لا يعطينا وصايا واوامر فقط .. بل هو فقط يذكر وينبه " فذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر " .. وايضاً " كلا انها تذكرة فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلاً" .. و ايضاً "ليس عليك هداهم" .. وايضاً "انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء" الخ الخ

فتلك المحرمات هي اعمال تخالف طبيعة ونظام الوجود .. ليس لأن النبي قال مثلاً او لأن القرآن قال ذلك .. بل هو قال لأنها اصلاً كذلك .. وما قال الا ليعلمنا وينبهنا فقط .. ليس جبراً عليناً وغصباً 

"احلت لكم الطيبات وحرمت عليكم الخبائث" .. 
هذه هي خلاصة الموضوع .. فلا تفتحوا المجال لأهل الجهل ان يتحكموا بكم ويقمعوكم بإسم الدين وتحت راية الحلال والحرام .. فيحرموا الطيبات باستخدام النصوص والكلمات "وهم يجيدون ذلك" .. ويأمروا بالكراهية والحرب والعداء باستخدام النصوص والكلمات ايضاً .

العبرة ليست بالنصوص والكلمات .. ليس هذا هو الميزان .. القرآن لم يحدد المحرمات والمباحات .. بل اعطى قاعدة "احلت لكم الطيبات وحرمت عليكم الخبائث " وعلى اساس هذه القاعدة نبهنا عن اشياء محرمة وعن اشياء مستحبة او طيبة .. ولكن انقطع الوحي وتوقف القرآن عن النزول وتوفى الرسول .. وتغيرت الظروف والاحداث والاشخاص وكل شيء تغير .. ويوجد الآن مالم يكن موجوداً في عصر الرسول .. فهل سنحي النبي من موته ليقلنا ماذا حلال وماذا حرام .. ام نتصل بجبريل لينزل علينا آيات جديدة ؟ .. ام نفعل مثلما فعل اهل الجهل ونفرض النصوص التي نزلت في ناس قد ماتوا من 14 قرن على جميع الناس الاحياء الآن ونلوي النصوص ونجمع التفاسير الضخمة ونتفلسف ونتقول الخ الخ فقط لكي نعرف ماذا حرام وماذا حلال !! .. هل وصل بنا الغباء والجهل لهذه الدرجة المذرية !!! .. والله لو قام الرسول من قبره لانبطح ارضاً من كثر الضحك :D 

الرسول مات .. القرآن انتهى امره من 14 قرن .. لكن الحياة قائمة والحكمة حية .. والقرآن يحمل المعنى لذلك القرآن ايضاً حي وقائم حتى الآن ليست نصوصه وتشريعاته .. لكن بالنظر في المعنى وفي السبب نفهم ونتمكن من فهم الامور الجارية حتى الآن .. فهو كتاب من نور .. لكنه لا يتماشى مع العقول الظلامية .. ولا يمكن لأحد المتقوقعين ان يفهم كيف ان القرآن حي حتى الآن .. وكيف انه يلامس شيئاً ما بداخلك .. لكن تلك السطحية حملت القرآن ما لا يحتمل واحطت من قدره واضاعت على الناس الكثير من انواره وحكمته 

ولأن الرسول يعلم انه سيترك العالم ويرحل .. وسيأتي وقت ينتهي فيه القرآن كنصوص وكلمات .. قال "استفت قلبك ولو افتاك الناس وافتوك" .. 

القلب دائماً مرشد .. يعلم الطيب من الخبيث .. يعلم ما يناسب كل واحد مننا .. يعلم ماهو مطلوب من كل فرد مننا .. القلب هو المكان الذي خاطبه الدين ..  وهو المكان الذي يعرف ماهو الدين 

لذلك ياعزيزي القاريء ارجوك تخلى عن هذا الغباء .. توقف عن استفتاء المفتين واصحاب العمم والكلام المجعلص والمجلدات الضخمة .. فالرسول مات ولم يعين عنه نواب .. والله ليس لديه متحدثين رسميين .. القرآن توقف عن النزول .. والنبي محمد قد مات وشبع موت .. فلنسمع القلب الآن .. ولنستخير الله بكل شيء .. فالصلة بيننا وبين الله قائمة دائماً وابداً .. فهو لم يخلقنا ويتركنا نعيش في الظلمات .. بل هو اقرب الينا من حبل الوريد .. دائماً يلهمنا ويدعمنا ويخاطبنا لكننا لا نسمعه .. بل نذهب ونتأكد من الشيخ او من القسيس او من الحاخام او من آية الله فلان الفلاني .. لماذا كل هذا الغباء .. الله لم يتركنا ويعين متحدثين رسميين يخبروننا بما يريد قوله 

وسلام

يتبع ..

الدين كما هو كائن - 1





سلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كما تحدثت سابقاً مراراً وتكراراً ان الدين سلاح ذو حدين .. احد اوجهه ضرر مابعده ضرر وهلاك ما بعده هلاك والوجه الآخر خير وعلم وحكمة ونور وهداية

عزيزي القاريء .. تعودت انا وانت منذ نشئتنا انه الحلال والحرام لا نحدده نحن .. بل يحدده الدين ومن يمثله .. فمثلاً يحدده البابا او الكاهن في الكنيسة .. او الشيخ او الامام او آية الله فلان الفلاني في المسجد .. او الحاخام فلان الفلاني الخ الخ الخ

المشكلة هنا يا عزيزي القاريء هو ان تمسكنا بفهمنا للدين بشكل مفرط اعمى ابصارنا عن رؤية جانبه الحكيم المنير .. وما اخذنا منه الا القشور الميتة التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولم ولن تنفع الانسان ولو بمثقال ذرة من نفع

اليهودي لو تكلمت امامه بشكل يناقد فهمه للدين سوف يرد عليك ويذهب ليجمع الادلة والبراهين والحجج على صدق اعتقاده .. ولو تكلمت امام المسيحي بشكل مختلف عن فهمه سيدافع باستماتة على فهمه للدين .. وكذلك الحال مع المسلم

لكن المشكلة هي انه دائماً يوجد وراء الخوف شيء جيد !! .. عالم واسع لم ندخله .. فالمسلم واليهودي والمسيحي وصاحب اي اعتقاد لو توقف عن التمسك بفهمه للدين واعتباره هو الدين ذاته لعرف الدين على حقيقته

لاحظ عزيزي ان المسلم والمسيحي واليهودي لم يختلفوا الا في فهمهم للدين وتأويلهم لكلام الانبياء والحكماء !! .. لكن الجوهر ذاته واحد .. الدين واحد وهو الإسلام .. لكن الاعتقادات والشرائع مختلفة !! .. لكن كل نبي وكل شخص نسبوا نفسهم اليه كان في الاصل ليس بيهودياً او بنصرانياً او بإسلامياً بينما كان مسلماً

اممممممممم كيف تقول الدين الاسلام ثم تعود وتقول لم يكن اسلامياً ؟
عزيزي افتح عقلك .. هناك فرق كبير بين ان تكون مسلم وبين ان تكون اسلامياً ..  عليك اولاً يا عزيزي ان تنسى ما تعرفه عن كلمة اسلام وتقرأها بدون اي تشفير مسبق بغض النظر عن كل شيء تعرفه عن الاسلام !! .. الكلمة واضحة يا عزيزي الاسلام هو الاسلام .. الشجر والحجر والمطر والورد وكل شيء بالكون هو مسلم والا كان اختل الكون كله .. الاسلام يا عزيزي هو حال نعيشه وليس قالب اعتقادي .. الاسلام هو الدين الحق ليس ديناً اخر ولا يوجد دين عند الله الا الاسلام وانما الديانات الموجودة هي من صنع البشر ما انزل الله بها من سلطان

الاسلام يا عزيزي ببساطة هو ان تسلم نفسك لله وتستسلم مثلما استسلم كل شيء .. ان تسير على نظام الله في الكون .. والسير بشكل متعاكس مع نظام الله في الكون "الفطرة" .. هو العصيان او المعصية او الذنب والكفر هو رفض نظام الله والسير بشكل مضاد له .. واي كلام معاكس للنظام الطبيعي او النظام الالهي السائد والسائر في الكون فهو ليس من الاسلام في شيء .. اذ ان الاسلام هو الفطرة .. وان خالف الكلام الفطرة يضرب به عرض الحائط

الديانات الثلاثة النصرانية واليهودية والاسلامية هي عبارة عن وجهات نظر مختلفة عن الدين ذاته .. كل نبي او حكيم جاء بالشرائع المناسبة للوضع الزماني والمكاني الموجود فيه .. لكن الدعوة كلها واحدة .. وهي توحيد الله والعودة للفطرة

نحتاج الآن لتوضيح ماهية التوحيد ؟
طبعاً التوحيد ليس الاعتقاد بشخص خالق للكون دون باقي الاشخاص .. الموضوع ليس له علاقة بالاعتقاد .. اذ ان التوحيد هو الشيء الوحيد الذي عندما تعبر عنه لا تقول الا اشهد !! .. اشهد انه لا اله الا الله !! .. فماذا لو لم تشهد .. وما هي الشهادة .. كيف نشهد التوحيد !! .. كيف لمن لم يرى ان يشهد ؟

نحتاج لأن نعيش هذا التوحيد .. التوحيد يا عزيزي ان تعرف انه لا الا الا الله .. اله واحد .. هو له الحول والقوة والامر وكل شيء يتحرك بأمره .. وهو من بيده الملك والسلطان

طبعاً عقلك يا عزيزي القاريء سيأخذك بعيداً لمنطقة ما فوق السحاب يجلس عليها شخص ضخم ذو لحية بيضاء غاضب طول الوقت وسادي يعشق ان يتمجد من البشر وخلقهم فقط ليمجدوه ويحمدوه ويسبحوه !!

هذه المشكلة عندما نقول الله او الاله .. مما دفع بعض الحكماء ان يقولوا انه لا يوجد اي اله .. وايضاً برأيي هذا لم يحل المشكلة .. اذ وجود اله من عدمه امر مجهول وغير مهم من الاساس !! .. التوحيد يا عزيزي ليس الاعتقاد بوجود اله واحد .. لكن ان تعيش وانت لا ترى في حياتك الا اله واحد .. اسمه عندنا الله .. عند اليهود اسمه يهوه الوهيم  .. وعند الهندوس اسمه براهما وووو .. كل من عاش التجربة ادرك انه يوجد ماهو اكبر من البشر وما يمدهم بالحول والقوة طول الوقت والذي بدون لا يكون اي شيء وبوجوده يكون كل شيء

ادراكك انه لا اله الا الله ليست تجربة اعتقادية .. بل تجربة حياتية !! .. عندما تقول اشهد وانت لم تشهد فأنت تكذب يا عزيزي .. اشهد اولاً ثم قل اشهد .. الموضوع يا عزيزي ليس بترديد الكلمات والله يا عزيزي ليس بإنسان يؤاخذ الناس بما تكرره السنتهم .. بل ينظر الا قلوبهم ويراهم من الداخل .. عزيزي ان لم تشهد انه لا الا الله فأنت لم تسلم بعد حتى لو اعتقدت بعقلك انه لا اله الا الله وحتى لو ظليت كل يوم تقول لا اله الا الله لا اله الا الله لا اله الا الله !

موضوع الحلال والحرام اكثر موضوع ضر البشر واستخدم بشكل سيء من قبل مجموعة من الحمقى استغلالاً لسذاجة وجهل العامة " الذين لا يملكون او لا يهتمون بعلم الدين الحقيقي اسماهم القرآن بالأميون"  يقول القرآن : "ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب الا اماني وان هم الا يظنون" .. فبإسم الحلال والحرام تم قمع ومنع وتشفير واستغلال الناس والتلاعب بعقولهم واستعبادهم ونسب العبودية لإلههم الخاص الذين اطلقوا عليه لقب الله

عندما يعرف الله بالعقل "الاعتقاد" .. فسوف ننظر اليه على انه انسان خارق او انسان ضخم او انسان فائق الانسانية .. لإن العقل يا عزيزي القاريء تعرف على الإنسان ولم يتعرف على الله ولم يسعه .. بل رأى الانسان "نفسه" وتعرف عليه ووسعه .. العقل لا يمكن ان يرى الا ما تعرف عليه .. منذ طفولتك عندما يسألوك ما هذا ان لم يكن احد قال لك من قبل لن يعرف عقلك .. لكن لو عرفه عقلك من قبل سوف تقول هذا كذا وكذا " ما قالوه لك من قبل" .. لكن قلي يا عزيزي متى عرف عقلك الله ؟ هل قابلت الله .. ماهو الله .. هل سمعته ؟ هل رأيته ؟ هل تفهم ماذا يعني كون الله يتكلم ؟ .. هل تعرف ماذا يعني كون الله يغضب ويرضى وو .. انت لا تعرف لذلك عندما اقول لك هناك اله .. فأقصى ما يمكن ان يعرفه عقلك هو الانسان المثالي للغاية .. فسوف يتصور عقلك الله على انه انسان مثالي وقوي وخارق .. وعندما اقول لك هذا الاله يغضب .. فسوف تتصور رجل يجلس فوق السحاب يحمر وجهه ويثور ويغضب ويرفع صوته !! .. ولو قلت لك الله يرضى ستتصور انسان مبتسم !! .. لكن الله مستحيل مهما فعلت ومهما سمعت ومهما قرأت ان تعرفه من خلال الاعتقاد !! .. ستسمع كلام عنه وستفهمه وفقاً لحدود معرفة عقلك !! ولن تتعرف عليه ابداً

وعندما اقول لك الله حلل وحرم .. فسوف تتصور شخص طلب من الناس ان يفعلوا شيء ما وان لا يفعلوا شيء ما وسوف يعطي من يسمع الكلام جائزة .. ويعاقب العاصي .. بالظبط مثلما يفعل الإنسان

لكن يا عزيزي لنفهم الدين الحق علينا اولاً ان نضع كل معتقداتنا وافكاراتنا واسقاطتنا جانباً ولو بشكل مؤقت لنتمكن من رؤية الاشياء كما هي .. توقف عن فهم الدين كمعتقد للحظات .. ولننظر اليه على انه تجربة وحياة نعيشها .. وسوف تتفاجأ يا عزيزي القاريء كيف ان الدين حي في كل لحظة وحقيقي جداً سواء اعتقدت فيه او لم تعتقد

هذه هي البداية .. سندخل معاً للدين من جانب مختلف .. سندخل الدين معاً كتجربة نحياها

يتبع ..



طريق الإنسانية الجديد 3


سلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. :)

من اهم الاشياء الخاطئة التي قد تعلمناها منذ الصغر .. انه علينا ان نحب مجموعة من الناس ولا نحب مجموعة اخرى .. 

فإن كان الآخر يعتبر نفسه منتمياً لديانة غير الديانة التي تعتبر نفسك منتمي لها .. فلا يمكنك ان تحبه كما تحب اولائك الذين ينتمون الى نفس الديانة التي تنتمي لها انت ..

وهذا ليس بالشيء الصحيح .. لا يوجد سبب يجعلنا نحب مجموعة من الناس ونبغض آخرين .. بل ان هذا مجرد سلوك قد تبنيناه لأننا فقط قد تربينا عليه ..

الله سبحانه وتعالى خلق الناس من ارضٍ واحدة .. ونفخ فيهم من روحٍ واحدة .. لم يخلق الله انساناً بجنسية محددة .. لم يخلق الله انساناً بديانة محددة .. بل ان الله خلق انساناً فقط .. ثم اهله قد قامو بتجنيسه بالجنسية التي قد تم تجنيسهم بها .. ودينوه بالدين الذي هم قد تدينو به بنفس الطريقة ..

هذا الانسان لم يختار ان يكون عربياً او اعجمياً او اسرائيلياً .. هذا الانسان لم يختار ان يكون بوذياً او هندوسياً او نصرانياً او يهودياً او اسلامياً .. بل ان اهله قد قرروا الديانة التي سيدين بها .. والدولة قد اعتمدتها .. وكتبت في اوراقه .. لكنه لم يختر اي من هذا !!!

وعندما نبدأ في ان نعي ما نسمع .. نصدق ببساطة ان ما اختروه لنا هو حقيقتناً .. لأننا نسق فهم .. ولأن كل ماهو حولنا يؤكد لنا ان كلامهم صحيح !! .. فنبدأ بالقول انا مسلم انا مصري انا هندوسي هندي انا يهودي اسرائيلي انا وانا وانا .. ونبدأ في تبني تلك العادات التي يتبناها الناس من حولنا .. وتبني المعتقدات الموجودة بالديانة التي اخبرونا عنها .. ونبدأ باعتبار انفسنا مختلفين عن الآخرين .. 

لكن في الحقيقة .. ان قمت بنزع تلك الاوراق .. اسقاط كل ماقد تم ادخاله في رؤوسنا .. ستجد انه لا فرق بينك وبين الذي يسمي نفسه اسرائيلياً مثلاً .. وستكتشف ان تلك العداوة قائمة اصلاً على اساس غير حقيقي .. هذا العدو لا يختلف عنك في شيء .. وكلاكما لا تنتميا في حقيقة الامر الا للإنسانية ..

هذا العداء بين من اعتبروا انفسهم عرباً ومن اعتبروا انفسهم اسرائيلين هو من اكثر الاشياء دلالةً على مدى غباء انسان هذا العصر !! عدائكم لبعضكم البعض قائم على اساس الوهم .. فأنت لست عربياً وأنت لست اسرائيلياً .. بل هم قد قالوا لك ذلك كما قيل لهم وانت صدقت !! 

ان كنت انت قد ولدت في اسرة اسرائيلية لكنت اعتبرت نفسك اسرائيلياً وعاديت من يعتبرون انفسهم عرباً !! فالمسألة كلها ليست متعلقة بماهيتك .. بل متعلقة بما يقولوه هم لك !! اما عن ماهيتك .. فماهيتك هي انك انسان .. انسان فقط .. هذه هي حقيقتك .. انت لم يخلقك الله يهودياً ولا نصرانياً ولا اسلامياً سنياً كنت ام شيعياً !! 

تذكر ذلك دائماً .. كلنا بشر وكلنا اخوة في الحقيقة .. انا لا اقول لك ان تترك ما تعتبر نفسك جزء منه .. ولكن فقط اقول لك ان تتذكر .. تذكر ان الاخر ليس عدواً لك .. بل كلاكما واحد في الاصل .. كلاكما سواء .. اختلافكم هو فقط اختلاف سطحي .. اختلافكم يعتمد فقط على البيئة المحيطة بكم وليس بكينونتكم .. الاختلاف هو فقط في عقولكم .. كون الشخص يعتبر نفسه شيئاً ما فهذا لا يدعونا ان نكرهه فقط لأننا نعتبر انفسنا شيئاً اخر !! 

وانت كذلك لست مطالباً بأن تحب من يعتبرون انفسهم جزءاً مما تعتبر نفسك جزءً منه !! كل مالدينا هو انسااااااان .. مسألة الحب والكره غير متعلقة ابداً بما يتبناه هذا الانسان .. يمكن ان تكون متعلقة .. اذا كنا فقط نتمتع بنسبة بنسبة عالية من الغباء !!!!! .. حتى الغباء لا يمكن ان يكون دافع ان نحب ونكره بناءً على مجموعة من الاشياء الوهمية التي ربطها الانسان بذاته .. لكن فقط الاتباع الاعمى هو مايمكن ان يفعل ذلك .. الانسان المغيب فقط هو من يمكنه ان يكون ذلك .. الانسان الذي لا يعرف عن ذاته سوا ما قد اخبروه عنه هو من بإمكانه ان يكره ويعادي ويقتل في سبيل الزيف والوهم !! 

ما على الانسان سوا ان ينظر لذاته مرة واحدة فقط .. ليتعرف على حقيقة من يكون والتي هي لا تحتاج فقط سوا النظر للتعرف عليها .. ثم بعد ذلك فليتبنى ما يريده من افكار وفلسفات وعادات وتقاليد ومباديء ووووو .. لكن عليه ان لا يضيع في الزحام بدون ان يتعرف على ذاته .. ان كان الانسان لا يعرف ذاته فعلاً .. فسيكون على اتم الاستعداد لإبادة احدهم ان اساء لشيء مما يعتبر نفسه منتمياً اليه !! 

انسان لا يعرف ذاته .. يمكنه ان يحارب في سبيل بلاده ويقتل اخوته في الانسانية .. لأنه يظن انه مصري او فلسطيني او اسرائيلي او اياً كان .. انسان لا يعرف ذاته يمكنه ان يفجر نفسه في سبيل الدين !! .. انسان لا يعرف ذاته .. يمكنه ان يهاجم هذا ويطعن في اخلاق ذاك لأنه ينتمي لشيء غير الذي يعتبر نفسه منتمياً اليه !!

ويمكنك ان ترى حال البعض من الناس ببساطة شديدة .. عندما ترا التراشق بأفظع الالفاظ والتضارب بل والقتل احياناً "كأحداث بور سعيد"  بسبب الإنتماء لأحد فرق كرة القدم ههههههه !!

انسان لا يعرف ذاته يمكنه ان يكون تحت سيطرة احدٍ ما .. فكل ماعليك فعله .. هو التحكم فيما يعتبر نفسه منتمياً اليه !! .. فقط وبهذه البساطة .. ويمكنك ان تسيره هو والملايين كما يسير القطيع في السرب !! 

يمكن لهذا السبب .. يعلمونا كل شيء في المدارس .. الا التعرف على انفسنا .. ولا يتطرقوا له حتى !! لأنهم يحبون ان يبقوا الانسان تحت سيطرتهم .. فإن انسان خارج سيطرتهم سيتسبب في ازعاج كبير لهم .. وعندما اقول "هم" فأنا لا اقصد احداً ما ولا اتحدث عن جهة بعينها .. ولكني اتحدث عن المجتمع ذاته .. فالمجتمع يحب الإنسان الصالح !! والإنسان الصالح في نظر المجتمع هو ذلك الانسان الذي لا يخالف الاعراف والتقاليد ولا يسبب اي ازعاج ..

لكن الانسان اليقظ سيكون مصدر ازعاج للجميع .. لأنه ليس بمعمي عن شيء .. سيكون هو الشخص الذي يتحدث عن الحق وان خالف جميع الاعراف والتقاليد والاديان .. لأنه ليس تحت سيطرة اياً منها ويعرف من هو تماماً !! هو انسان غير متوقع .. وكونه غير متوقع هو شيء مزعج .. يجعل اذهان الناس تعمل !! .. يطعن في كبرياء المجتمع الذي يتباهى دائماً بتراث الاباء والاجداد حينما يأتي بشيء مخالف .. لذلك هو غالباً ما يكون مزعج وغير مرغوب فيه من رجال الدين واصحاب الشأن واكابر القوم !! 

لكن اولئك الذين يحدثونكم دائماً بما تعرفونه ليسوا الا جزء من مجتمع في اساسه مبني على ان تكون نائم مغمض العينين .. اولئك الذين يكررون على مسامعكم نفس الكلام مرات ومرات ومرات ماهم الا جزء من القطيع الذي يسير على السرب .. قطيع نائم يسير مع بعضه بعضاً وليس له قائد !!

ان الذين يتحدثون بما تعرفونه نائمون عميان ليس لديهم من العلم شيئاً .. بل ان كل علومهم مستعارة !! 

لكن هذا الانسان الذي يتحدث بكلام جديد .. هذا الانسان الذي لا يمكنك ان تتوقع ما سيقول .. هذا الانسان الذي يأتي بما لم يأت به احدٌ قبله .. هو الإنسان اليقظ بحق .. الانسان الحي بحق .

لا يوجد نبي الا وكان مخالف لما هو معروف .. لا يوجد نبياً الا وقد تمت محاربته ومعاداته من قبل سادة القوم وكبرائهم ورجال الدين والكهنة .. وان خرج محمد الآن وقال كلام غير الذي يعرفه العرب لحاربوه .. ولكذبه رجال الدين الفطاحل !! .. وان خرج المسيح في النصارى بكلام غير الذي يعرفونه لقالوا عنه شيطان كما قال عنه كهنة وحاخمات اليهود من قبل !!

كل ما نحتاجه فقط .. هو ان نتذكر من نحن بحق .. نظرة واحدة لذواتنا تكفي !! وعندما نكن متذكرين من نحن بحق .. فلا يمكن ان نكون تحت سيطرة المجتمع .. ولا يمكن ان نكون عمياناً عن الحق اذ جائناً .. وان اتباع الانبياء ليكونوا هم دائماً الاشخاص الذين يرفضهم المجتمع .

وشكراً :)

طريق الإنسانية الجديد 2


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

موضوع اليوم مختلف عن موضوع الامس .. في موضوع الامس عمدت على الفلسفة مع اني عادةً لا احب ذلك .. لكن لضرورة الموضوع ولأهميته .. ولأن الفلسفة التي يتبناها الانسان تؤثر وبشكل مباشر على الطريقة التي يعيش بها في العالم ويتعاطى بها مع حياته ..

قد تكون بعض الافكار عائقاً فعلاً بين الانسان وبين ان يعيش حياة سعيدة وهانئة .. لكن الافكار في حد ذاتها ليست ذات اهمية .. ما يهمني انا شخصياً ككاتب هو حالة الانسان لا منهجه ولا طريقة تفكيره او دينه او او او ..

اياً كان المنهج الذي تتبناه فما يهم حقاً هو مدى تأثيرك في العالم .. ما يهم حقاً هو هل انت فعلاً سعيد ومرتاح بحياتك ام لا .. اياً كان منهجك فأنا لست ضده .. 

نحن لسنا بحاجة للفلسفة .. نحن بحاجة لحلول وتطبيقات .. وما يبرهن على ان المنهج الذي تتبناه هو منهج صحيح وحقيقي هو مدى اثره على حياتك وعلى حياة الاخرين .. فإن كان اثره خير وسعادة وحب ورخاء وتطور .. فأنت يقيناً تمشي في الطريق الصحيح .. وان كان غير ذلك فأنت بحاجة لكي تعيد النظر في طريقك

كما قال المسيح عليه السلام "من ثمارهم تعرفونهم" .. ان اردت ان تعرف ان كان منهجاً ما حق او ضلال .. فانظر الى اثره على من ينتهجوه .. خير لك من ان نتظر في 500000 كتاب لتعرف من على حق ومن في ضلال ..

ما نحن في صدد الحديث عنه هنا هو طريق من طرق الحياة .. التي ارى شخصياً انه قد يساهم في احداث تغيير ايجابي على النفوس وعلى العالم عموماً ..

بدايةً من الغد ان شاء الله سأبدأ في الحديث عن هذه المنهجية وتطبيقاتها .. كل يوم ان شاء الله سأشارك شيء بما يفتح الله علي .. 

ان احببت الموضوع تابعنا يومياً بإذن الله :)

طريق الإنسانية الجديد 1



سلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

 نشأنا وسط مجتمع .. كثيراً ما يتحدث عن المثاليات .. كنا نسمع القصص الدينية .. قصص الرسول وقصص الصحابة وقصص الانبياء .. 

الجميع يتمنى ان يكون مثل الانبياء والشخصيات التاريخية الموجودة في الكتب الدينية , عندما كنا صغاراً كنا نبهتج بتلك القصص .. نحب الاجواء الدينية الجميلة المقدسة .. كنا نتخيل انه عندما نكبر .. سنرى الناس هكذا كما نسمع في القصص .. سنرى الناس المثاليون بمكان ما او بمكان آخر ..

كان رجال الدين في اعيننا هم اكثر الناس كمالاً .. كنا نرى فيهم المثالية .. ونرى فيهم الشخصيات التي يحوا لنا عنها بكل حماس وشغف وتدمع اعين احدهم وهو يروي لنا القصص الجميلة عن الرسول واصحاب الرسول والانبياء ..

لكني .. عندما كبرت .. سبحان الله واكني استيقظت على كابوس .. انا لم اكن اتصور ان يكون هكذا حال الناس .. الشيء الوحيد المستمر منذ ان كنت صغيراً والانطباع الذي لم يتغير هو ان الناس كثيروا الحديث عن المثالية .. لكني لم اشتم حتى رائحتها 

كل ما رأيته عندما كبرت هو كيف يكون الرجل مثالياً في حديثه وحيوانياً في تصرفه , رأيت ايضاً رجال الدين الذين يحدثوننا عن اخلاق الرسول والانبياء .. ثم يسبون بعضهم البعض على الفضائيات والانترنت .. رأيت اناس مستعدين ان يقتلوا بعضهم بعضاً من اجل الاموال .. رأيت رجالاً ونساءً لا يجتمعون الا على الفراش ويعيشون مع بعضهم البعض تحت سقفٍ واحد .. 

لما ارى من اثر الرسول سوا هيئته .. لم ارى سلوكه واخلاقه .. لم ارى تلك المثالية التي كثيراً ما نسمع عنها .. هل حقاً هذه المثالية يمكن ان توجد ؟؟ وهل المطلوب حقاً هو ان نكون مثاليين ؟ ان نكون كما كان يريد الانبياء وكما هو مكتوب في القرآن او في الانجيل وفي الكتب المقدسة ؟؟

وعندما كبرت .. رأيت ايضاً ان ما يدعونه ديناً ليس بدين وليس له علاقة بالدين .. وعلى كثرة استماعي عن الايمان .. لم ارى في المجتمع اي ايمان .. لم ارى فيهم سوا اناس يفعلون اشياء لا يريدون فعلها لأن الدين لم يلامس قلوبهم ولم يتعرفوا عليه بعد .. ويستمر رجال الدين في القول بأنه عليك ان تفعل كذا وكذا وكذا .. بدون ان يسألوا انفسهم اولاً هل حقاً وقر الايمان في قلوب الناس حتى نحدثهم عن الصلاة والصوم والذكاة ؟ .. هل الله بحاجة الى صلوات من اناس لا يريدون الصلاة ؟ وهل ان قالوا لا فلسوف يجبرهم بالقوة على الصلاة .. حتى ان كان ما يرددونه وما يردده الناس من حولهم حول الدين والايمان لم يسكن قلوبهم ؟؟

يستمر رجال الدين في القول ان سبب معاناة الناس هو ابتعادهم عن الدين .. ثم ان اصابتك المعاناة وانت متدين .. قالوا لك ان  سبب المعاناة  هو انك غدت اكثر تديناً وان الله يبتليك !! .. استطيع ان ارى المعاناة في وجههم العابثة .. واصواتهم المرتفعة .. وحركاتهم المضطربة .. أي دين هذا الذي لا يفعل شيء في الانسان سوا انه يغير هيئته .. يغير هيئته ويتركهه بغضبه وغله ومعاناته ولا يغير شيء في حياته

اين الدين الذي يخدم الانسان .. هذا هو الدين الذي ظننت اني سأراه في مجتمعنا .. ولكني لم اراه في مجتمعنا .. بل رأيته مدفوناً مختبئاً خلف كل تلك الكلمات التي تردد على المسامع من هنا وهناك .. كنت اسمع النصوص الدينية الجميلة اشعر بالعظمة والروحانية والانسجام .. واشعر ان هذه النصوص تحمل شيء جميل بداخلها .. يمكن بطريقة ما ان تتحول هذه النصوص الا نصوص حية تؤثر بحياة الناس وتلامس قلوبهم وترفعهم وتذكي انفسهم 

تلك الطريقة التي فهم بها القدماء الدين لم تعد علينا بأي نفع .. بل وعلى العكس .. كلما مر الوقت كلما زاد التدهور .. تلك الطريقة التي فهموا بها الدين مبنية على اسس ومفاهيم خاطئة .. بدايةً من الله .. نهايةً بالإنسان 

كل الاديان الشرق اوسطية مرتكزة على الله .. على فكرة الله .. لكن فهمهم ونظرتهم لله .. متأثرة بطبيعة الحال بخبراتهم الانسانية .. فعندما حاولوا فهم ماهية الله .. صوروه كإنسان من نوع مختلف .. شخص يتصرف كما يتصرف البشر .. لكن بشكل مثالي محاط بهالة من القداسة والعظمى .. وهذه الطريقة التي فهم بها الناس الله .. جعلت الدين يسير في مسار غير المسار الذي كان من المفترض ان يسير فيه .. تلك الطريقة جعلت من الدين المخدوم ومن البشر الخادم .. جعلت الناس يسعون لخدمة الدين .. وجعلت الدين لا يسعى في خدمتهم ولا يهم اصلاً ان كان يخدم البشر حقاً ام لا !!

فكرة ان يكون الله سبحانه وتعالى شخص هي فكرة معبئة بالتناقضات .. كل جزء فيها يناقض الجزء الاخر .. ولا يمكن ان تتواجد هذه الفكرة في حقيقة الامر ابداً .. وعندما اقول شخص فأنا هنا لا اتحدث عن انسان .. فمن المعلوم ان الله ليس انساناً .. لكن المعلوم لدى عامة الناس عموماً ان الله شخص .. والشخص الاله او الاله الشخص لا يمكن ان يوجد ابداً برأيي 

فإن كان الله شخصاً .. فمن خلق الله اذاً ؟ .. وان كان الله موجود بدون خالق .. فما المانع اذاً ان يوجد الوجود بدون خالق .. ما دامت هنالك امكانية لوجود شيء ما بدون خالق .. وان قمنا بغض النظر عن مسألة ابتداء الله من عدمها .. فهل الله له مكان ؟ .. وان كانت الاجابة بنعم .. فهذا يعني ان له جسد له بداية وله نهاية .. والا كيف يمكن ان يسكن بمكان ؟؟ .. لذلك الاله لا يمكن اصلاً ان يسكن بمكان .. وطالما هو لا يمكن ان يسكن بمكان .. فهذا يعني اما انه غير موجود .. واما انه كلي الوجود .. وفي الحاتلين هو ليس موجود كشخص !! ..  فإن قلنا انه طالما ليس له مكان انه غير موجود .. فنحن بالتأكيد نفينا وجوده تماماً .. وان قلنا انه كلي الوجود فهذا يعني ان الله هو عين الوجود .. يعني ان الله لا يخلو منه مكان .. فبهذه الطريقة لا يمكن ان يكون شخصاً منفصلاً عن الوجود .. فهو الوجود ذاته

الله اما ان يكون كلي الوجود او يكون غير موجود او يكون ليس الله !!

المشكلة هنا في ان الانسان لا يعرف معنى للوجود سوا وجود الاشخاص والاشياء .. وهذا ما يجعله يستصعب تصور الله بشكل خارج نطاق الشخصية .. فا في ذهن الانسان .. اما ان يكون الله شخصاً .. واما ان يكون غير موجوداً !! .. الانسان المتدين والانسان الملحد سواء في نفس التصور .. وكلاهما "برأيي" خاطيء .. فالأول يعتقد بشيء غير ممكن .. والثاني يكذب الشيء الغير ممكن اصلاً ويغفل باقي الاحتماليات .

الوجود لا يعني بالضرورة الشخصية والكتلة الجسدية فقط .. لكنه يعني الوعي ايضاً !! ..  مجرد وجود وعي يعني وجود وجود .. ان كان لديك وعياً فأنت موجود .. وان لم يكن لديك وعياً فأنت لست موجود ... فإن كان الله ليس له وجود جسدي .. فهذا يعني ان الله هو محض وعي .. وعي صافي ومجرد .. ليس له جسد او كتلة او مكان

ولكي نفهم كيف يمكن ان يكون ذلك .. علينا اولاً ان نتعرف على ماهية الوعي 

ماهو الوعي ؟؟

بعيداً عن الفلسفة .. من يقرأ هذا الكلام الآن ؟؟ .. قاريء الكلام هو انت .. من انت ؟  .. ها هو انت .. انت الذي يبحث عن جواب السؤال .. انت الذي يسأل من هو انا .. لو سألتك ما اسمك ؟ .. فلسوف تجيبيني اسمي "فلان" .. لكن انت في الحقيقة لست هذا ال "فلان" بل انت من جاوب .. انت هذه المساحة التي تستوعب .. فلو ان هذه المساحة غير موجودة .. يعني انك وببساطة غير موجود .

وهذا هو الوعي .. هو انت .. هو ذاتك .. ليس شخصيتك .. بل من يدرك الشخصية .. انت لست "فلان" .. انت من يقول انه فلان .. انت لست كما تقول .. بل انت من تقول .. انت الوعي 

من هذا الكلام لو هنطلع تعريف للوعي هيكون : هو المساحة التي من خلالها تستوعب كل شيء حولك .. 

والوعي يساوي الحياة .. فغياب الوعي يعني الموت .. بدون وعي جسدك وعقلك ليس لهما معنى .. فالوعي هو الذي يشعر بالجسد ويشعر بالتفكير .. وبدونه الانسان ميت ..

اذاً يمكننا ان نقول ببساطة ان الوعي هو عين الحياة ..

ومن ناحية دينية ايضاً يمكنك ان تقول ان الوعي هو الروح .

الآن يمكننا ان نستوعب  كيف يمكن ان يكون الله وعي .. الوعي ليس مرتبط بأي شيء ولا يحتاج لشيء كي يوجد .. لذلك هو ابدي .. لا يموت لأنه هو الحياة ذاتها .. لأن الإنسان يأتيه الوعي ويذهب .. فالإنسان يولد ويموت .. لكن الوعي نفسه لا يموت ولا يمكن ان يموت .. وكون الله سبحانه وتعالى وعي .. يعني انه ابدي اذلي لا يمكن ان يفنى ولا يمكن ان يبتديء !! .. وهذا ما يتردد دائماً في كل النصوص الدينية وما يتردد ونسمعه من رجال الدين في الخطب والمواعظ ووو الخ ..

بدأت الامور ان تضح الآن .. ولكن بقى سؤال .. وهو السؤال الاهم .. ماهي صلة الله بالإنسان اذاً ؟؟

اتوقع انك ياعزيزي القاريء قد توصلت للإجابة .. ولكني سأسردها لك .. الوعي لا يمكن ان يتجزأ .. لا يمكن ان يكون وعي فلان غير وعي علان ووعي علان غير وعي تلان الخ .. فالوعي نفسه هو مساحة الادراك .. هو الحياة .. والاختلاف بين فلان وعلان وتلان الخ هي اختلافات بين الناس وبعضهم فقط .. لكن مايجعل فلان وعلان وتلان احياء هو شيء واحد .. وعندما يغادر هذا الشيء احدهم فقد مات .. طبعاً عن الوعي اتحدث .. الوعي لا يمكن ان يكون الا مجرداً صافياً ..  وكون الوعي مجرداً يعني انه واحد لا يتجزء .. وكون الوعي في حد ذاته غير مرتبط بمكان بطبيعة الحال فهو ايضاً واحد لا يتجزء .. فالتجزئة تحتاج للعنصر الجسدي والوعي غير مرتبط بالجسد .

وبما ان الله هو وعي صافي .. والوعي واحد .. اذاً الله هو الوعي !!

وهذا يوضح الصلة بيننا وبين الله .. نحن متصلون مع الله كل لحظة .. نحن نعيش فقط بالله .. نحن متصلون مع الله من خلال الوعي الذي هو جزء منه .. بكلمات اخرى .. نحن متصلون مع الله من خلال الروح .. فالروح هو الوعي الذي يجعلك تعيش .. وهو شيء ليس منفصل عن الوعي الذي وهبك الروح بل هي ذات الشيء !! .. كما القطرة جزء من المحيط ..

يقول القرآن الكريم : " واذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " ..

نفخت فيه من روحي = اعطيته وعي مني ..

ومن خلال هذه الروح نحن في تواصل دائم مع الله .. لأنه معنا اصلاً .. الآن يمكنك ان تفهم الآيات التالية : -

"ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن اقرب اليه من حبل الوريد"

" وهو معكم اينما كنتم "

"وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى "

وستجد نفسك ملاحظاً ايضاً للمعاني العميقة للنصوص الدينية اياً كانت ديانتك .. فلا تخلو اي ديانة من الديانات الشرق اوسطية خصوصاً من الاشارات والمعاني العميقة .

هذا النوع من الصلة .. هو الذي يعطي معنى للصلوات وللدعاء والتضرع والروحانية والشعور بالمعية الإلهية .. ويفسر لنا كيف ان الصلوات تشعرنا فعلاً واكن الله معنا .. العبرة لم تكن بأن الله لم يكن معك ثم اتى عندما بدأت بالصلاة .. ولكن العبرة هي انك فقط لم تكن واعياً لحضوره معك .. وما الصلوات الى سبل وطرق للشعور بهذه الصلة بين الانسان وبين الله .

هذا الله الذي اشعر بمعيته حقاً .. هذا الله الحي .. هذا الله المرتبط بالحياة .. الذي يحيى حتى مع تنفسنا .. يتفاعل معنا .. لم يكن شخصاً يسكن في مكان بعيد ويتركنا نتخبط في وحشة وغربة .. وكأننا مقطوعين من شجرة .. مفصولين عن مصدر حياتنا .. ولا يقابلنا الا في  العالم الآخر فقط !!

ما اجمل ان تشعر بالاتصال بينك وبين الله .. هذا المعنى الروحاني الجميل كفيل ان يحل كل مشاكل العالم .. واقسم بالله انه كل الزيف والتخبط الذي يحيى فيه غالبية الناس حالياً هو بسبب فقدان هذه الصلة بين الانسان وبين الله .

عندما تكون الصلة بين الله والانسان مجرد صلة بالكلمات والوصايا .. فلن يتغير شيء فالإنسان .. بإمكان الإنسان ان يفعل اي شيء بدون ان يتغير داخلياً .. انسان سيء النفس يظن ان بصلاته وبصومه سيكون محبوباً لدى الله وان هذا يجعل منه انساناً صالحاً ولم يغير التدين شيئاً في نفسه .. لم يرقي نفسه ويذكيها ولم يعالجه من امراضه ومشاكله الداخلية فهذا التدين ليس له اي اثر في الحياة .. فطالما الانسان ما زال خبيث النفس ومعقد ومكبوت فسوف يؤثر هذا على كل مايفعله وعلى تعامله مع الآخرين .. 

المصيبة .. انك ربما تجد رجل دين .. يخاطب الناس .. ويتبعه من الناس الالوف .. يحفظ كل النصوص والقصص .. ومريض داخلياً ومعقد ومضطرب .. فينعكس اضطرابه النفسي على خطابه الديني .. ويخرج عليهم بفتاوى غريبة .. يكفر فلان ويهدر دم علان .. يحرم الفن والابداع ويتحسس منه .. ويستخدم النصوص التي معه في الاستدلال .. بما ان الناس ترتكز عليها .. وهو امهر منهم في التعامل مع النصوص .. فيأخذون قرفه الذي خرج منه ويبدأوا في اعتباره سماوي والهي من الله .. لأن الرجل اثبت لهم ما يقول من خلال النصوص التي يؤمنون بها !!

فصل الله عن الانسان .. ادى لدين منفصل ايضاً عن الانسان .. لا ينطلق من المنطلق الانساني .. فتجد الدين بوادي والانسان بوادي .. تجد الدين يأمر بأشياء ويحث على اشياء .. والناس يصدقونها .. لكنهم لا يعملوها اصلاً .. وان عملوها علناً بدلوها سراً .. وان عملوها سراً احترقوا من الداخل !!

هذا اللاتناغم يجب ان يزول .. ان كنا فعلاً نريد ان نحيا بعالم افضل .. وعموماً ان ظل اللاتناغم موجود .. فسوف تسقط تلك الاديان الغير متناغمة مع الانسان .. لأنه وببساطة دائماً ماتكون الطبيعة اقوى من الانحراف .. سوف يتبع الناس غرائزهم .. وسوف نجد كل المشاكل الموجودة بأنفس الناس معلنة عما قريب .. وسوف تجد ان ما كان يخجل الناس ان يفعلوه امام العلن اصبح شيء عادي وطبيعي .. الناس سوف تغادر الدين ان لم يتناغم مع طبيعة انفسهم 

والتناغم هذا لا يمكن ان يوجد طالما الناس مازالو ينظرون لله بالشكل التقليدي القديم العقيم .. الاساس هذا نفسه سيبقي الانسان منفصلاً عن الله وبالتالي الدين منفصل عن الانسان والانسان منفصل عن الدين .. التناغم لا يمكن ان يوجد الا عندما نفتح عقولنا وقلوبنا لطريقة جديدة لفهم الدين .. طريقة تتناغم مع الانسان .. طريقة تشعر الانسان بالروحانية حقاً .

ان انت وضعت اصبعك على النار اي وقت فلسوف يحترق .. لو وضعته الف مرة سيحترق الف مرة .. كذلك الطريق الخاطيء ان سلكته الف مرة سوف تفشل الف مرة .. ربما عليك ان تجرب طريق اخر .. لعلك تصل لنتيجة اخرى .. وثق يا صديقي القاريء ان طريق الله لن يكون سوا الطريق الصحيح والطريق الصحيح لن يكون سوا طريق الله .