إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 24 مارس 2015

الذين هم على صلاتهم دائمون

إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23)


تأمل عزيزي القاريء هذه الآيات ,,, 

الانسان خلق هلوعاً ,, اذا مسه الشر جزوعاً , واذا مسه الخير منوعاً ,,

الا المصلين ,, الذين هم على صلاتهم دائمون ,,

الذين هم على صلاتهم دائمون ,, ؟!!! 

اي الذين يعيشون طول الوقت في صلاة , اولئك يخرجون من دائرة الهلع , والجزع , والبخل والشح ,,,

كلمة صلاة اصلاً مشتقة من كلمة صلة , والصلاة هي الصلة بين العبد وبين الله ,,,

فكيف تكون الصلاة دائمة ؟ 

الجواب هو الخشوع , الحضور , 


روح الصلاة الحضور , فإن كنت خاشعاً او حاضراً في صلاتك تحسب صلاتك بقدر حضورك او خشوعك , وما غاب عنه ذهنك لا يحسب من ضمن صلاتك ,,,

فإذا استطعت ان تكون حاضراً , خاشعاً , على مدار يومك فقط وليس في صلاتك , سترتقي لمرتبة اخرى , وتتحرر من دائرة العجلة والصراع والاضطراب ,, 

الهلع , والخوف , والعجلة , وخشية الفقر , وامساك الخير ,, كلها منبعها واحد , وهو النفس الزائفة "الايجو EGO " ,,

ومنبع النفس الزائفة "الايجو" , هو التفكير في الماضي والمستقبل ,,, 

التفكير في الماضي , يشكل التفكير في المستقبل ,, 

الماضي كان اسوداً , فاشلاً , ستسعى في المستقبل لتجنب فشلك , واكمال نقصك ,,

فلا يمكنك ان تفكر في المستقبل بدون ان تفكر في الماضي ,, 

ولا يمكنك ان تشكل ذاتك الا من خلال التفكير في الماضي والمستقبل ,, 

لذلك كان الخشوع او الحضور , هو المخرج الوحيد من دائرة الهلع , والعجلة , من اين تأتي العجلة ؟ , من استعجال المستقبل , من التفكير فيما هو آتي , من غياب الحضور في اللحظة الحالية , ,,,

في صلاتك العادية "الصلوات الخمس" , تجرب الخشوع لبعض الوقت , لكنك سرعان ما تعود الى حالتك القديمة , وتعيش في حلقة الخوف والعجلة وعدم الارتياح 

لكن ان استطعت ان تحول الخشوع للحالة الطبيعية في يومك , فسيتلاشى تلقائياً الخوف , وتذهب العجلة , وتنسى امر عدم الارتياح 

وكيف احقق ذلك ؟ 

ليس الامر بالشيء الصعب , كل ما عليك , هو ان لا تفعل شيئاً , اترك الهلع "استعجال المستقبل" , وتمركز في ذاتك , كن ساكناً , وجه انتباهك فقط على ماهو كائن في هذه اللحظة ,,  

وكلما غفلت , وعدت للهلع والخوف , اعد نفسك مرة اخرى للحاضر ,, 

ولتكن هذه هي استراتجيتك , 

عندما تشعر بالخوف , بالحزن , بالقلق , بعدم الارتياح , لا تحاول ان تغير الموقف , افهم السر , عد الى صلاتك " خشوعك" , يختفي خوفك وحزنك ويعود لك ارتياحك ,,, بقدر خشوعك يكون سكونك , وبقدر سكونك تكون تحررت , من وهمي الماضي والمستقبل , ومن الهلع والقلق والاضطراب , تختفي الحاجة لديك من امساك الخير , لأن ما الدافع ان تمسك الخير الا خوفك من المستقبل ؟ , فإن كان انتباهك متوجهاً على هذه اللحظة فقط , فما الداعي لإمساك الخير , الخير سيتدفق , ولا داعي لإمساكه على الاطلاق , 
 
اجعل صلاتك على مدار يومك , 

احمل الخشوع معك , لكل لحظة في يومك , كن خاشعاً ,,

تكن من الذين هم على صلاتهم دائمون ,, 

تتحول من القلق والهلع والاضطراب , الى السكون والطمئنينة والحياة 



السبت، 21 مارس 2015

هكذا تكلم المسيح -3 - اعرف ما يواجهك

هكذا تكلم المسيح - 3 


. قال يسوع: الشيخ الطاعن في السن لن يتأخر عن سؤال الطفل ابن السبعة أيام عن مكان الحياة، وذلك الشخص سوف يحيا. فكثيرون من الأوَّلين سيكونون آخرين ويصيرون واحداً.


ما اعتدنا عليه جميعاً , هو ان نعلم الصغار لكي يصيروا كباراً , ان الشخص الاكبر سناً هو الاكثر احاطة بالعالم , ربما يكون هذا صحيحاً في عالم المادة والحياة الدنيا , يمكنك ان تعلم صغيرك كيف يأكل , او كيف يشرب , او كيف يمشي ,, 


لكن عندما يأتي الامر للحديث عن الله , عن ملكوت السماوات , عن الحقيقة , فلتنصت للطفل , فالطفل هو الاقرب , لأنهم اقرب الى فطرتهم وسجيتهم والى البراءة والصدق , 


ولكن ما نصنعه نحن معاكس تماماً , فنحن ننتظر قليلاً , الى ان يبدأ الطفل ان يعقل , ثم نقوم بدس جميع انواع السموم في عقله , نفرض عليه اشياء , نعلمه ان لا يثق فيما يعرفه بل فيما نعرفه , نفرض عليه الذهاب للمسجد او للكنيسة لأداء الصلاة بالطريقة التي اعتدنا عليها , نفرض عليه الانصياع للكتاب المقدس او للقرآن , نعلمه كل شيء قد تعلمناه , 


ولكن الم يأتي هذا السؤال في ذهن احدنا من قبل ؟ , الم يتسائل احدنا , هل ما اعرفه حقاً قد جعل مني انساناً افضل , هل حقاً عرفت الله ؟ , هل حقاً انا متدين ؟ ,, 


ان صدق المرء مع نفسه , لاكتشف حقيقة زيفه , ومن يكتشف الزيف يكتشف الحقيقة , ولكن الحقيقة اننا لدينا الكثير من الكبر الذي يمنعنا من ان نتقبل ببساطة حقيقة اننا لا نعرف ,, 


اتسائل , ما الحاجة للإيمان وللعقيدة , ما دام الانسان يعرف حقاً , لماذا لم اسمع عن احد يؤمن بالشمس ؟ , لماذا لم اسمع عن احد يؤمن بالقمر , هل يمكنك ان تنكر وجود كاتب هذا الكلام الآن ؟ , هل هناك اي داعي لأن تؤمن انني موجود , مادمت توقن فعلاً اني موجود ؟ ,, 


لماذا اذاً نسمع كثيراً عن الايمان بالله , والايمان بالمسيح , او بمحمد , او بالأنبياء , هذا ببساطة يدل على جهلنا , لأن الإيمان "بالمعنى الذي نعرفه" هو غطاء لجهلنا ليس اكثر , ان كنت تعرف فلن تكون بحاجة ان تؤمن ,, 


وان كنت لا تعرف , وتريد ان تعرف ؟ فماذا تفعل ؟ , اسأل من يعرف , وتوقف عن نشر وفرض ما تعتقده على ابناءك ورعيتك مادمت انت نفسك لا تعرفه ,,,


ومن هو الذي يعرف ؟ ,, هو الذي لا يعرف ,, 


كيف تقول انه ان كنت لا تعرف فاسأل من يعرف , ثم تقول من يعرف هو من لا يعرف ؟


من لا يعرف ويظن انه يعرف هو اجهل الناس , ومن يعرف ولا يعرف انه يعرف هو احكم الناس , 


ان اردت ان تسأل شيئاً عن الله , فلتسأل الشجرة , فهي تعرف الله بحق , بدون ان تعرفه , 


ان اردت ان تعرف الله بحق , فاسأل الطفل , فهو الاقرب للفطرة , للبراءة , 


انت لم تكن جاهلاً وجئت لتتعلم هنا , بل انك كنت فارغاً , وفراغك ذاته هو الذي كان يجعلك ممتلأً , فالطفل فارغ , ولديه المساحة لأن يستقبل النور من الله مباشرة , بدون ان يعرف كتب , ولا رجال دين , ولا عقائد , الطفل يعرف الله , كما تعرفه الفراشة وكما يعرفه العصفور وكما تعرفه الحية , 


ولكن عندما يخرج الطفل الى العالم , يظن الناس بجهلهم ان فراغهه جهلاً فيبدأون في حشوه , في ملأه , بالمعارف المستعارة , بالكتب المقدسة , بالتفاسير , بالقصص , بالمناهج , بالتقاليد , فبدل ان يزداد الطفل بعد ملأه ينقص , مثل ذلك كمثل من لديه صندوقاً ذهبياً جميلاً , يملأه بالعفن والمخلفات , ثم يأتي بعد ذلك ليضع فيه الجواهر والذهب , فلا يجد فيه متسع , 


لكي يمتلإ الصندوق بالجواهر النفيسة , علينا اولاً ان نفرغ ما بداخله من مخلفات غير ضرورة ,,,


كل ما قد عرفناه عن الله وعن الدين وعن الحقيقة , عن الصواب وعن الخطأ , عن ماهو جائز وماهو غير جائز , انما هو مخلفات , لن نعرف اي شيء حقاً الا عندما نفرغ قلوبنا منها تماماً ,, 


ثم بماذا نملأها ؟ 


لا يجب علينا ملأها بأي شيء , بل في الفراغ ذاته الامتلاء بالحق ,,,


لذلك قال يسوع ان الشيخ الطاعن في السن سيسأل الطفل ابن السبعة ايام عن الحياة , وان ذلك الشخص سوف يحيا , 


فالشيخ الطاعن في السن , الذي حصل من المعرفة والتجارب الكثير , هو الابعد عن الحق , وليس الاقرب كما قد يبدو , هو اقرب للجهالة , لأن صندوقه ممتليء بالكثير الكثير من الاشياء , وكلما كان ممتلئاً , كلما صعب تفريغه , وكلما كان ممتلإً كلما تلاشت امكانية ادراك الحقيقة , استقبال الحقيقة ,, 


فعلى هذا الشيخ الطاعن في السن , ان يصير كالطفل ابن سبعة ايام , الذي لا يعرف شيئاًً , ويتحول من كونه من الاولين , الى كونه من الاخيرين , الجديدين , البريئين , الذين لا يعرفون شيئاً , حينها فقط سوف يحيا ,,


فكثيرٌ من الاولين سيكونون آخرين ويكونون واحداً ,,


الكثير من الكبار , سيعودون صغاراً من جديد , وحينها , يصبح الكبير صغيراً , ويصبح الصغير كبيراً , واولئك الذين يعودون الى الخلف , ويفرغون اكوابهم , اولئك الذين يعودون بحال برائتهم كالأطفال , يمتلأون بالحياة , والدهشة , وكلما كثرت المعرفة , كلما طمس نور حاملها , وكلما كان اكثر براءة , اكثر فراغاً من الداخل , كلما سطعت شمسه , وامتلأ بالحياة 



5. قال يسوع: اعرفْ ما يواجهك، وما يخفى عليك ينكشف لك. فما من خفيٍّ إلا سينكشف.




اعتدنا دائماً على ان نهتم بالغد , بالمستقبل , بالمجهول , بيوم القيامة , بالعالم الآخر , بمعرفة الحقيقة , باكتشاف الاسرار , واهملنا تماماً الزمن الاهم , وهو الحاضر , والحقيقة الاهم , وهي ماهو امام اعيننا الآن , 


ولذلك سبب اساسي , وهو انه , ان ادركت الشيء البسيط الذي يواجهك الآن , فما الامتياز الذي ستحصل عليه , اين التميز في ان تدرك ماهو بين يديك ؟ , لا يوجد اي تميز في ذلك , لكن حينما يتعلق الامر باكتشاف شيء ما , بعيد , معقد , صعب , مختفي , تعلم جيداً ان من يكتشف الخفي , ويحقق الصعب , يصبح مميزاً , يصبح قوياً , لذلك تذهب من اجل اكتشاف البعيد , وتترك البسيط الذي يواجهك


هناك قاعدة بسيطة جداً , لن تسعى الى التميز , الا اذا كنت تعلم انك غير مميز , وهذا ما قد تعلمناه , انك لن تكون قوياً , مميزاً , او حتى مقبولاً بين الناس , الا اذا حققت اشياء صعبة بعيدة المنال , 


نسعى لأن نثبت للجميع , اننا اقوياء , اذكياء , مميزين , وذلك لأننا بأعماقنا نشعر اننا غير ذلك ,,,


هي عادة العقل دائماً ان يفكر في الشيء البعيد , صعب المنال , الشيء الخفي , وبسبب هذه العادة نفسها , لا يدرك الشيء البسيط جداً الذي امامه , وكيف يمكنه ان يدرك الشيء الذي امامه , وهو شارد هناااااااك في البعد السحيق , 


لكي تدرك اولاً ما يواجهك , لابد ان يكون عقلك هنا ايضاً في الحاضر , ليس هناك باحثاً عن المستقبل البعيد الذي لا يأتي ابداً ,,, 


وكيف لك ان تدرك الصعب البعيد وانت لا تدرك السهل البسيط الذي يواجهك ؟ , انت حتى لا تدرك ما امامك , فكيف لك ان تدرك ما خفي عنك ؟ 


يقول يسوع , اعرف ما يواجهك , وما خفي عنك ينكشف لك 


بدل من ان تبحث في البعيد , في المستقبل , اعرف فقط ما يواجهك , والبعيد الخفي , سينكشف عندما يحين وقته , لأنك وقتها ستكون مستعداً لتكتشفه , فإن كان عقلك شارداً دائماً في المكان البعيد , حتى لو ظهر لك الشيء الخفي الذي تبحث عنه دائماً لن تدركه , لأن عقلك قد اعتاد النظر بعيداً ,, 


ان كنت تبحث عن البعيد الخفي , فلن تعرف حتى القريب الذي يواجهك 


وان اصبحت واعياً فقط , حاضراً بذهنك لذلك البسيط الذي يواجهك الآن , سينكشف لك الخفي البعيد ايضاً ,, 


يتبع ..