إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 12 أكتوبر 2014

خطورة الإنتماء

لو دورت ورا اي مشكلة في التاريخ , ورا اي حرب , هتلاقي دايما وراها انتماء , سواء كان انتماء ديني او قومي او قبلي او طائفي ,,

للأسف الناس دايماً بتتكلم عن الانتماء على اساس انه شيء حلو وصفة حميدة لازم كلنا نتحلى بيها , مع ان نتائجه دايماً سلبية

ايوة احنا منتمين لحاجات كتير , منتمين لللطبيعة , للأرض اللي اتخلقنا من طينتها , للبشرية اللي احنا جزء منها , وللكون اللي احنا كلنا جزء منه , بس ده انتماء حقيقي 


بس الانتماء اللي بتكلم عنه هو انتمائك لإطار افتراضي غير مادي , زي انتمائك للوطن , او انتمائك لجماعة او لمجموعة معينة , او انتمائك لديانة معينة او انتمائك لطائفة معينة ,,,

يعني ايه اطار افتراضي غير مادي ؟؟

يعني انتمائك لمفهوم , لفكرة او لمجموعة افكار ,, مثلاً انتمائك للأرض ده انتماء حقيقي غير افتراضي لإنها مكان حقيقي بنعيش عليه وكيان ليه وجود حقيقي , لكن انتمائك لبلد معينة ده انتماء افتراضي لإن مفيش حاجة على الارض اسمها مصر او سوريا او الهند او العراق او او او , احنا البشر اللي حددنا الارض بالمسميات دي اللي كانت في الاصل مجرد مسميات لتحديد الاماكن , دلوقتي المسميات دي فعلياً بتفصلنا عن بعض , دلوقتي انت بقيت محتاج تأشيرة عشان تتنقل من بلد لبلد , مع ان اصلاً مفهوم "البلد" مجرد مفهوم بشري احنا اللي اخترعناه , مش حاجة مؤكدة علينا الإيمان بيها زي ماهو ظاهر كده ,, 


انتمائك لديانة معينة اياً كانت هو انتماء افتراضي كذلك , فالديانات اصلاً من اختراع البشر , وهي في النهاية عبارة عن مجموعة وجهات نظر حول الحياة والهدف من الوجود وما الى ذلك , لكنها لا تغير شيء في الحقيقة ,

لما انا وانت مثلاً نشوف ثمرة "يوستفندي" , واكون انا مسميها "يوسفي" وانت مسميها "يوستفندي" ده مش هيغير اي حاجة في ثمرة اليوستفندي او اليوسفي دي , مش هيتغير اي حاجة في شكلها او في خصائصها او في طعمها , فالمسمى اللي انا متبنيه واللي انت متبنيه مالوش اي تأثير على الحقيقة

تخيل كده ان انا وصاحبي ده اتخانقنا , عشان انا مسميها يوسفي وهو مسميها يوستفندي , هتقول علينا ايه ؟؟؟

اهو ده اللي بيحصل بالظبط كده بالنسبة للديانات , اتباع الديانات هما ناس عندهم وجهات نظر مختلفة حول الحياة , وطول الوقت بيتخانقوا بسبب انهم مختلفين , وكل واحد فيهم عايز يختزل الحقيقة في المسمى اللي هو مؤمن بيه وده غير ممكن اصلاً , لإن المسمى لا يعني شيء الا التعريف , لكن تغيير المسمى لا يغير اي شيء في الواقع ,, 



لما تقول انا منتمي للمجموعة اللي بتقول على "اليوسفي " يوستفندي , ولنفترض ان اسمها جماعة اليوستفندي , فانت كده منتمي لإطار فكري افتراضي غير حقيقي ,

لما تقول انا منتمي للمجموعة اللي بتؤمن بإن المسيح هو الله المتجسد نزل من السماء عشان يخلصنا من خطيئة ابوينا ويصلب ثم يقوم من الاموات في اليوم الثالث ويرجع في اخر الزمان ليدين العالم , فانت منتمي لإطار فكري افتراضي غير حقيقي بالظبط زي انتمائك لجماعة اليوستفندي , لإن ايمانك بالفكرة لا يؤثر في الواقع من اي زاوية ,,



لما تقول انا منتمي للمجموعة اللي بتقول ان علي بن ابي طالب هو الاحق بالخلافة من ابي بكر وعمر بن الخطاب , فانت بردو منتمي لكيان فكري افتراضي غير حقيقي , لما تقول انا منتمي للجماعة اللي بتقول ان ابي بكر وعمر بن الخطاب هما الاحق بالخلافة فانت بردو منتمي لكيان افتراضي ,, وبالله عليك يا شيخ قولي اعتقادك في مسألة انتهت من 1400 عام ايه لزمته في الحياة ؟؟؟؟!!!!!!!!!!!



ولما تقول ان بودا هو المستنير اللي اتى ليخلص العالم من المعاناة ومن دائرة الموت والولادة , وانا متبني وجهة النظر دي ومنتمي للديانة دي , فانت منتمي لكيان افتراضي بردو , لإن ايمانك او عدم ايمانك ده مالوش اي تأثير على بودا ان كان في حد اصلاً اسمه بودا , لا ليه تأثير عليه بعد ماماته , ولا حتى لو كان حي ,, انت شايفه مجرم , او شايفه مستنير , فده مش هيغير اي شيء من حقيقته ,,,

دلوقتي بقى يا برنس , تخيل كده ان موضوع الخناقة بتاعت اليوسفي والويستفندي حقيقية , وبتحصل بالفعل , وهتفضل تحصل لحد لما نفوق من الغيبوبة اللي احنا فيها دي ,,

نخبش كده ورا اي حرب ؟ هتلاقي وراها حاجة من الاتنين , يإما شعارات دينية , او شعارات قومية , ونتراهن ياعم على اي حاجة :D

اللي بيحصل بقى يا برنس , ان لعبة الانتماء دي من صناعة المنتفعين فقط , المنتفعين مادياً واجتماعياً , واصحاب الشعرات هما اقل المتضررين من الموضوع , في حين من يهرس تحت الاقدام دائماً هم الشعوب الغلابة :D

قادة السياسة , ورجال الدين , هم دائماً من يشعلون الحروب , وكلما علا مقام السياسي او رجل الدين , كلما كانت ايده نظيفة من الطين والدماء , لأن دائما الاخرين هم من يحققون مشيئته , حتى بدون ان يدفع لهم شيئاً , فقط يبيع لهم شعارات , ويأخذ منهم حيواتهم وحرياتهم في المقابل ,,

ان كنت بتقول في دماغك لما اتكلمت عن المثال بتاع اليوسفي واليوستفندي ان لا طبعا مستحيل اتنين يتخانقوا عشان كل واحد مسمي الثمرة بإسم مختلف , فانت كده صح وفطرتك سليمة , مين الاهبل اللي يتخانق عشان سبب تافه زي ده ؟ لكن بص كويس كده ؟ السواد الاعظم من الناس دلوقتي عايشين الهبل ده و بنسبة كبيرة انت نفسك منهم :D

اللي بس خلاك تاخد بالك ان الخناقة عشان اليوستفندي او اليوسفي خناقة ملهاش معنى , ان مفيش وراها شعارات وبرمجة , وانها ماتربطتش عندك بالكرامة والعزة ووجودك , وانك ماسمعتش مثلا حد بيقول "نموت نموت ويحيا اليوستفندية" , وانك مادرستش في التاريخ عن تاريخ الجماعة اليوستفندية وقد ايه كانوا ناس طيبين خالص وكانوا بيحاربوا الناس الاشرار بتوع اليوسفي , وانك الحمد لله ماسمعتش اغاني وطنية لليوستفندي , وماشفتش افلام بتظهرلك قد ايه اليوستفندية رجالة وشجعان , ولا سمعت اعلامي معتوه بيعيط وهو بيتكلم عن الزعيم الراحل حسين ابو سرة مؤسس الحركة اليستفنديية :D

والحمد لله برده انك ماسمعتش شيخ طلع على المنبر واتكلم عن عظمة اليوستفندي , وعن حسين ابو سرة رضي الله عنه وارضاه , والحمد لله برده ماسمعتش عن معجزات الجماعة الويستفدية , ولا قريت كتاب اسمه "الصارم البتار للرد على اليوسفية جماعة الاشرار" ولا قلت امين كل يوم جمعة والشيخ بيدعي عليهم , ولا سمعت وعظ في الكنيسة عن القديس حسن ابو سرة وماشفتش مدرسة بإسمه ,,,

المشكلة ان اي حاجة ممكن توصل للدرجة دي من العظمة والقداسة , مهما كانت ساذجة , كل اللي عليك انك تفضل تردد الهبل كتير , تدخل معاه شوية دموع وصوت عالي , وتفتكس كام قصة , وهتلاقي ناس مستعدة تموت من اجل اللي انت بتقوله

هو ده الانتماء , وهي دي الطريقة اللي تزرع بيها الانتماء ,,, 


وتلاقي الناس بتحارب , من اجل حاجة تافهة ,

انا مش بقولك غير وجهة نظرك مثلاً , يعني مش عايزك لو مسيحي تسيب مسيحيتك ولو مسلم تسيب اسلاميتك , بس بقولك حط الامور في مكانها الطبيعي , الموضوع ابسط بكتير من انك تكره حد علشانه , ناهيك عن ان انت تحاربه وتستبيح دمه في بعض الاحيان ,,

انا مش بقولك ماتحبش المكان اللي انت اتولدت فيه , لإن ده تقريباً طبيعي , لكن بقولك ان الحقيقة اهم من الفكرة , وان الحقيقة بتقول ان احنا كلنا بشر , مفيش حاجة اسمها امريكي وهندي وباكستاني ومصري واسرائيلي وفلسطيني ووو , خليك فاكر انها مجرد مسميات , ماينفعش تموت عشان يحيى الوطن لإن بفنائك مفيش وطن , لإن انت اللي اخترعت الوطن ,

خلي بالك ان في ناس دايماً بيستفيدوا من ورا الحروب , وان دايما , دايماً , سهل جدا اللعب بالناس من خلال خيوط الانتماء الكثيرة , سهل جداً اشعال حرب ما بين السنة والشيعة ,, والسنة والسنة , والمصريين والمصريين , والعرب واليهود , واي حد واي حد ,

فامتسمحش لنفسك تكون عروسة بيمسك بخيوطها المنتفعين , وماتصدقش الاكاذيب لمجرد انك اتعودت تسمعها ,,

الموضوع مش بس انك بقيت مستعد تحارب من اجل الاكاذيب , لكن ده كمان انت بتدافع عنها , وبتحارب اي حد بيقول الحقيقة , وانت مش منتفع بأي حاجة

والمنتفعين كل اللي محتاجين يعملوه بس عشان يوجهوك , انهم يحركوا الاعلام والرأي العام بالحاجة اللي هما عايزيك تصدقها ,

عارف انت شغل العيال بتاع لما عيل خبيث لقول لعيل اشتم فلان , فايقوم شاتمه , فيروح لفلان ده ويقوله الحق ده غلط في حقك ماتسكتلوش ,, هو ده بالظبط اللي بيحصل بس على كبير شوية , فالعيل اللي شتمك ده ماشتمكش انت بس لأ , ده شتم الوطن والكرامة والعزة , واهان الدين واحط من قدر الرموز وفشخ الوجود :D

انا مش بقول ان في ناس بتتآمر علينا , بس شوف معايا امكانية ان اي عيل صغير يتلاعب بينا بالطريقة دي ؟؟ , واعمل حسابك دايماً ان في منتفعين من ورا كل حاجة بتحصل والا ماكنوش سمحوا لها انها تحصل اصلاً , لإن قادة السياسة والدين ورجال الاعمال هما اللي في ايدهم الخيوط كلها , وهما رؤوس ورموز كل الانتمائات ,,,





خطورة الانتماء انه خيوط في ايد الآخرين والمجتمع والرأي العام , اللي هما نفسهم خيوط للمنتفعين "رجال السياسة ورجال الدين ورجال الاعمال " فانت لو بتسمح لنفسك انك تكون لعبة في ايد الآخرين فاستمر ,, 


ولو عايز تهاجمني وتعتبر اني غلطت بقى في الدين والوطن "وده انا متوقعه" فانت حر برده ,,,

بس اتمنى انك تكون فهمت انك ملعوب بيك , وانك ان استمريت في اللعبة فاده خيارك ,, على الاقل انا عرفت ان عندك خيار

لو اخترت انك ماتستمرش , او انت اصلاً من القلة القليلة اللي كانت متفقة مع رأيي اصلاً فأتمنى انك تشير المقالة واعتبر نفسك ان انتي اللي كاتبها وساعد في ان اكتر عدد من الناس يفوق من المهزلة دي

وشكراً :)))

يتبع في وقتٍ لاحق -

هناك 4 تعليقات:


  1. الديانات من صنع البشر , يعني هي مجرد مفاهيم ووجهات نظر عن الحياة ليس اكتر , اما بالنسبة للدين , فلا يوجد في الحياة الا دين واحد وهو الاسلام , وهو دين الوجود والحجر والشجر والسماوات والارض , التسليم التام للمشيئة الالهية

    ردحذف
    الردود
    1. وممكن تسمي الدين اسلام , ممكن تسميه استسلام , ممكن تسميه سلام , ممكن تسميه اي اسم لإن الاسم فعلاً مالوش اي اهمية , المهم الحال والفعل , وشكراً :)))

      حذف
  2. شكرا لك أخي محمد المبدع وعلى سحر كلماتك وهي من المضحك المبكي على حالنا.. بالنسبة لموضوع الانتماء، هناك نقص في فهم جذر الموضوع، من أين أتى فعلاً؟ وهل يكفي فقط تشخيص الداء أم يجب وضع الحل والدواء؟
    الانتماء له أسباب هرمونية وفكرية.... يقول المثل العامّي: الدم يحنّ... أي أن هناك عند الناس وحتى عند الحيوانات الثديية غريزة طبيعية تجعلها تنتمي لبعضها أو لمكان ما أو لمعتقدات معينة مريحة لها، تربطها عاطفياً... وهنا السر تماماً: الربطة العاطفية... قد يكون لها فائدة عند الحيوانات لكي تحمي بعضها في الطبيعة من المفترسين، أما عند البشر أعظم المخلوقات في الأرض (كما يفترض) يجب جلب الوعي لهذا الانتماء لكي نفهم ماذا يحدث في العالم اليوم.
    الانتماء له جذر أول في نفسياتنا... مثلما إذا كان الشخص مسافراً في بلد أجنبي والتقى بشخص من بلده أو مدينته، أو مثلاً من طائفته، سيجد شعوراً أو عاطفة دافئة تظهر داخله وتحركه بقوة وربما يذرف الدموع.... لماذا؟
    لنعرف ونعترف يا إخوتي أننا وخاصة العرب.. شعوب عاطفية... العاطفة مشفرة عندنا منذ الصغر في طريقة التربية والمعتقدات والتقاليد، وسبب هذا الوباء العاطفي هو الكبت بأنواعه وأساسه الكبت الجنسي المنتشر.. الحل بالتأمل وعيش الحب بوعي ومسح الكبت من حياتنا.
    والعاطفة الجارفة تبدأ أيضاً في طريقة التربية الأحادية للطفل في عائلة واحدة فيتشفر على العائلة، وهذه أولى الانتماءات التي تقود لانتماءات أكبر وأعقد مثل القبيلة أو الطائفة أو البلد... من علبة إلى علبة أكبر، والجذر هنا هو العيلة أكبر علة، والحل في حياة الجماعة بدل المجتمع والعائلة الضيقة، ولتكن البشرية كلها عائلتنا الكونية الكبيرة...
    بعد الحديث عن عواصف العواطف، نلاحظ أنها ترتبط أيضاً بالمصالح!... وربما تكون المصالح والفكر المادي الجشع هي ما يقود الناس للانتماءات والحفاظ على الثروات والموروثات بالأصل، أي أنا أريد توريث ابني أنا وليس ابن أحد آخر!
    المصالح هي ما يبرر للناس الانتماءات... وجذر الانتماء هنا هو ببساطة ووضوح: الخوف... خوف من الفقر ومن الموت أساساً... الحل هنا بمواجهة الخوف.. إن خفتم من شيء ادخلوا فيه... لنتأمل ما هذا الخوف وما هي كذبة الموت الكبيرة؟ من أين أتى وما هو الحل؟...
    والحل هنا بالدّين الحقيقي.. نعم الدين!... وهو التسليم للفطرة دون أي اسم أو شعار.. معرفة الحقيقة بأنني قطرة من محيط هذا الكون وموصول به أبدياً، فكيف يمكن أن أخاف من فقر أو من موت؟ كيف يمكن أن أسمح لعاطفة ما أن تصبح عاصفة تعصف بالوعي والحقيقة داخلي؟
    الحل هو توسيع حسّ الانتماء ليصبح انتماء حقيقي واعي... الانتماء ليس كإنتماء، بل فهم وتذكر أننا عائلة واحدة.. مع كل البشر والحجر والشجر..
    دوما نكرر أن الحل بالتأمل.. لكي نكتشف الشيء الأبدي الذي لا يموت داخلنا.. عندها هذا الوعي سيحوّل كل شيء في حياتنا... سيحوّل الانتماء من عاطفة وبلاء، إلى نور ونماء وماء يروي شجرة المحبة والرحمة والسلام في الأرض..
    شكراً لكم

    ردحذف
    الردود
    1. شكراً اخي علاء فعلاً تعليقك اضافة حقيقية للمقال :)))

      حذف