إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 13 أكتوبر 2014

هكذا تكلم المسيح - 1


هكذا تكلم المسيح - 1



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ان الحكمة ليست حكراً لأي انسان , وهي المقصد والمطلب من وراء الكلمات والأشخاص , فلا يهم على لسان من قد جائت الحكمة , ولا في اي كتاب , بل ما يهم حقاً هو الحكمة نفسها ,التي تنير قلبك , وتذكرك بالنور الذي فيك , تطرب لها روحك , تلامس كيانك ,,

سأشارككم بعض المقولات المنسوبة لسيدنا المسيح عليه السلام , وهي مقتبسة من انجيل توما , وهو انجيل غير قانوني بالنسبة للكنيسة وللمسيحيين , اي انه غير معترف به , وهذا لايهمني انا شخصياً , لا يهمني ان كانت على لسان يسوع "عيسى" المسيح او لا, لكن هناك حكمة عظيمة وعميقة في الكلمات , اياً كان كاتب هذه الكلمات فهو لم يكن فيلسوفاً , ولم يكن رجل دين , بل كان شخصاً لديه حقاً تجربة صوفية عرفانية حقة ,شخص في اتصال مع نفسه ومع النور الذي في داخله , والذي هو مصدر كل الحكمة , وكل الكتب ,,

الكلمات المكتوبة , قد تكون غير واضحة لدى البعض , خصوصاً اولئك العالقين في الصورة التقليدية للدين , لذلك سأشارككم ما قد ادركته بصيرتي من الكلام , لنستمتع سوياً في حضرة تلك الكلمات الطيبة , وفي حضرة سيدنا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ,,




1. وقال: من يكتشف تأويل هذه الأقوال لن يذوق الموت




كيف يمكن ان يتحرر الانسان من الموت ؟! , كيف يمكن ان لا يذوق الموت انسان , كلام عن الاذهان بعيد , نعم ولكنه حقيقي , الموت الحقيقي ليس هو موت الجسد , فما الجسد الا مسكن الروح الحية , هو الوسيلة التي تختبر بها الروح هذا العالم , الجسد يموت , كل جسد يموت , لكن الروح حية لا تموت , لأن الروح نفسها هي الحياة , فما سكنت الروح في جسد الا احيته , وما تركته الا اماتته , فأنت تسكن الجسد , الجسد يحيى , انت تذهب الجسد يموت , لكنك لا تموت , لا يمكن ان تموت ,,

لكن لماذا قال المسيح ان من يكتشف تأويل اقواله هذه هو الذي لن يذوق الموت ,,

هناك معنى اخر للموت , الموت هو غيابك عن ذاتك , وغيابك عن الله , وغيابك عن الحقيقة ,غيابك عن روحك , انت تعيش , تأكل وتشرب وتتزوج , لكن كل ما تفعله تفعله اوتماتيكياً , ليس في فعلك ولا حركاتك اي حياة , اي روح , اي حضور , عينك مفتوحة ,لكن ذهنك غير حاضر , دائماً تعيش في الاحلام والامنيات , ولا تستطيع ان تبصر الحقيقة , انت لست حي ,,

عندما تكون ميت حقاً , فإن عشت بمليون جسد , فسوف تظل ميتاً , في عالمنا هذا , وبعد انتفارق الجسد , لا يحدث اي فرق ,,

الانسان الحي , حي للأبد ,  حتى ان فارق الجسد ,فهو حي ,

من يكتشف تأويل هذه الاقوال , التي هي مخاطبة حدسك فقط لك ليس اكثر , التي هي مخاطبة ذاتك الحقة لك ليس اكتر , سوف لن يذوق الموت , من يكتشف نفسه , سوف لن يذوق الموت, ولا فارق بين اكتشاف تأويل هذه الكلمات وبين اكتشاف الذات , فإن هذه الكلمات من الذات , ان اكتشفتها اكتشفت ذاتك , وان اكتشفت ذاتك لن تذوق الموت ,,

العالم الخارجي والعالم الداخلي واحد , حدسك ليس فقط في داخلك , بل هو ايضاً في خارجك ,هو الذي يخاطبك من خلال الحكيم والمستنير ومن خلال الانبياء , من خلال الاشارات والعلامات , ومن خلال كل شيء , فإن اكتشفت تأويل هذه الكلمات , فإن فهمت رسائل قلبك , فسوف لن تذوق الموت .




2. قال يسوع: مَنْ يطلب فلا يستنكف عن الطلب إلى أن يجد. وحين يجد سوف يضطرب. وعندما يضطرب سوف يَعْجَب ويسود على الكل.




لو ان الفرد عاش الحياة بأكملها , سوف يوفر على نفسه الكثير , تجربة واحدة بكثافة وعمق , تغني عن مئات التجارب الاخرى , من يطلب فلا يستنكف عن الطلب الى ان يجد ,ان بدأت شيئاً فأتمه للنهاية , لا تهرب منه , لا فعلياً ولا ذهنياً , استمر حتى تجد , وان عشت التجربة بكثافة , ووجدت ما انت كنت تطلبه , سوف تتغير , وتضطرب ,الاضطراب مرافق دائماً للتغيير , الاضطراب مرافق للتوسع ! , فإن توسع ادراكك اضطربت , لأنك لم تعد في ذات المكان الذي كنت فيه من قبل , وعندما يضطرب سوف يعجب ويسود على الكل !!

عندما تعيش هذا الاضطراب , وتعيش هذه المرحلة , سوف تمتليء حينها بالدهشة , الدهشة من التجربة والحال الذي انت فيه , الدهشة من الادراك الجديد , ادراكك لذاتك من خلال التجربة , تلك الدهشة هي العجب والتعجب , وحين يعجب , حين يدرك انه لم يكن يطلب شيئاً الا ماعنده , فلسوف يتحرر ويسود على الكل , لا يسيطر , لكن يسود , يسمو بإدراكه فوق كل شيء , لا يعلق في اي شيء , وهذه هي السيادة , السيادة هي اللاسيطرة, اللاتحكم , اللافعل , التخلي ..





3. قال يسوع: إذا قال لكم قادتكم:"هو ذا، الملكوت في السماء،" فسوف تسبقكم طيور السماء. إذا قالوا لكم:"إنه في البحر،" فسوف تسبقكم الأسماك. الملكوت بالحري في داخلكم وهو فيخارجكم. 

عندما تعرفون أنفسكم، إذ ذاك ستُعرَفون، وتَفهمون أنكم أنتم أبناء الآب الحيِّ. لكنكم إذا لم تعرفوا أنفسكم، أقمتم في الفقر، وكنتم الفقر




لم يكن المسيح عليه السلام يستخدم مصطلح الجنة , للدلالة على النعيم المستحق للمؤمنين, بل كان يشير الى هذا النعيم بملكوت السماوات , او ملكوت الآب , او الحياة الابدية ,

ان الذي لم يجد الجنة هنا والآن في هذا العالم الذي نعيش فيه الآن , فسوف لن يجدها في اي مكان , هذا ما يقوله المسيح , انظر لنفسك , عندما كنت تملك ماتحب , هل ياترى كنت قادراً على ان تراه وتستمتع به حقاً , هل كنت سعيداً حقاً ؟؟ , نحن غالباً مانتوقع ان نكون سعداء عندما نحصل على شيء ما , لكن عندما تحدث الأشياء لا نجد ماكنا نبحث عنه !! , ومع ذلك نستمر في وضع الامل على المستقبل في ان يجعلنا سعداء ,,

بحثك عن السعادة هو ذاته بحسك عن الجنة , او عن ملكوت السماوات , او عن الحياة الابدية, وانت لن تصل لأي جنة او ملكوت , طالما انت خاوياً من الداخل , حتى ان تنعمت بكل النعيم المادي سوف لن تتمكن من العيش فيه , سوف لن تجد ما كنت تنتظره منه , سوف تجد الخواء , الى ان تمتليء انت من داخلك بالنور , فلا ترى سوى النور , فحينها الجنة تصحبك اياً كنت , لأن الجنة فيك , والجحيم ايضاً فيك , لو كنت تعيش الجحيم في داخلك , فسوف تجد الجحيم في كل مكان , لو كنت تعيش الجنة في داخلك سوف تجدها في كل مكان ,,

انه ليست هناك , في السماء , او في البحر , او في المستقبل , انها هنا والآن ,,,

العالم الداخلي والعالم الخارجي مرتبطان ومتشابكان , فما العالم الخارجي الا ظل للعالم الداخلي , لذلك قال المسيح عليه السلام الملكوت في داخلكم وخارجكم , انت يمكن ان تدركه من خلال الخارج او الداخل , فأنت لا تعيش سوا ذاتك , فالخارج مرآة فقط لما في الداخل , من خلال التجربة , من خلال ما تعيشه , يمكنك ان تدرك الملكوت , الذي هو في داخلك , لأنك عندما تغوص في التجربة , تغوص في داخلك , وهذه هي المعجزة ,وهذا هو العجب !

الكثيرمن الناس يستمر في القول "نحن ابناء الله" , الكثير من الناس يعتقد انهم ابناء الله , انهم عباد الله , لكن الاعتقاد لا يعني اي شيء , الاعتقاد بشيء لايعني فهمه , الفهم لا يأتي الا من التجربة , يمكنك ان تعتقد بالكثير من الأشياء ,لكنك لا يمكن ان تعتقد في كأس المياه التي تقوم بشربها الآن ! , ولا في الثمرة التي انت تأكلها الآن , الاعتقاد هو غياب الإيمان , الإيمان نتيجة الاختبار ,والاختبار داخلي , فإن عرفت نفسك , فإن عرفت حقيقة  نفسك , عرفت حقيقة كل شيء ,,

لذلك يقول المسيح عندما تعرفون انفسكم , عندها سوف تفهمووووون انكم انتم ابناء الآب الحي , ادراك وتجربة لا اعتقاد , ويتابع ويقول , لكنكم اذا لم تعرفوا انفسكم اقمتم في الفقر وكنتم الفقر , اي انه ان لم تعرفوا انفسكم , وتختبروا ذواتكم , فـأنتم فارغين , وان اعتقدتم بأي شيء , طالما لم تعرفوا انفسكم فأنتم فقراء , تعيشون في الفقر , في حال الخواء , وتكونوا انتم الفقر , اي تمثلوا الفقر وتظهروه للعالم من خلال انفسكم !!


يتبع....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق