إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 7 يناير 2013

الدين كما هو كائن -2 - الحلال والحرام



سلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

بالجزء الأول حكينا عن اننا بس محتاجين نتخلى عن فهمنا التقليدي للدين لنتمكن من فهمه كما هو بالحقيقة وبالأصل بدون اي اسقاطات واي اساطير واي بطيخ

السلسلة دي كل لما يجي ببالي اكتب شيء فيها هكتب .. دلوقتي طالع ببالي احكي عن موضوع الحلال والحرام والحسنات والسيئات الخ 

دايماً بنسمع احنا من صغرنا عن الحلال والحرام .. بنسمع اهلنا الطيبين بينصحونا اننا نعمل الحاجات الحلال ونترك الحاجات الحرام .. 

بنفهم احنا الحلال والحرام زي ما اهلنا فهموه كمان .. انه الحلال هو اللي ربنا امر بيه .. والحرام هو اللي ربنا حرمه .. وانه احنا بنتحاسب على اعمالنا وعلى اساسها بناخذ جزائنا او عقابنا 

بس السؤال اللي ماتسألش هو ليه ربنا امر ببعض الأشياء "الحلال" .. ونهى عن بعض الأشياء "الحرام" .. وليه نتحاسب على الاعمال دي .. ايه الحكمة من كل ده 

الكثير من الناس مابيطرحوا السؤال اللي هو ليه ربنا امر بكده .. لإعتبارهم ان في شغلات في الدين قطعية وانه مفيش فيها مجال للنقاش .. وخوفاً من ان طرح النوع ده من التساؤلات يعرض صلتهم بالدين للخطر الخ

وطبعاً الخطر من طرح هذا النوع من التساؤولات هو ليست خطر عالدين .. بل هو خطر فقط على الوهم والغير حقيقي الذي نعتبره نحن من الدين .. تبدأ الحقيقة في الاقتراب اكثر واكثر كلما ابتعدنا عن مخاوفنا

الله سبحانه وتعالى دائماً وابداً ليس بحاجة لأعمالنا او لأقوالنا او لأي شيء .. وهذا يجعلنا نتسائل .. لماذا كل هذا اصلاً لماذا امرنا بالحلال ونهى عن الحرام 

عزيزي القاريء دعنا من الفكرة القديمة والمفهوم القديم لكلمتي الحلال والحرام .. هنا سأطرح عليك مفهوم مختلف نابع من التجربة الحية 

الحلال : هي تلك الافعال التي تعود عليك انت بأثر طيب
الحرام : هي تلك الأشياء التي تعود عليك انت بأثر سيء

الاثر الطيب هو : الحسنات
الاثر السيء هو :السيئات

ولأن الافعال تعود عليك بأثر طيب لذلك اصبحت حلال .. ولأن الافعال الاخرى تعود عليك بأثر سيء لذلك اصبحت حرام .. ليس الموضوع موضوع تسلط من الاله عالبشر .. بل ان ماجاء وورد فيما يخص الحلال والحرام انما كان للإعلام ليس لجبر الناس عليها

ماهي الحسنات وماهي السيئات ؟
طبعاً مفهوم هذه الكلمات في ذهننا هو ان الحسنات هي تسجيل اعمالنا الطيبة على ورقة .. والسيئات هي تسجيل الاعمال السيئة بنفس الطريقة .. ثم بعد ذلك يأتي الله ويحاسبه على ماهو مكتوب 

انظر .. هاهو نفس التصور الاحمق .. فهمنا الامور يكون هكذا لأننا نتصور ان الله شخص خارق .. يتعامل مثلما يتعامل البشر فيما بينهم .. بنفس قوانيهم .. بل وبنفس مبادئهم ايضاً !!

الله سبحانه وتعالى ليس مثل البشر ابداً وليس مثل اي شيء .. الامور عند الله ليست كما عندنا نحن هنا .. الله لا يتصرف مثلما نتصرف نحن 

في الاديان قد ترى الله قريب جداً من الصورة التي نعرفها عن الانسان العظيم .. لكن هذا ليس لأن الله فعلاً انسان عظيم وخارق .. لكن لأن الاديان حاولت تقريب الصورة من الفكر البشري قدر المستطاع 

لما انت تتكلم مع طفل .. انت تلقائياً هتلاقي نفسك بتحاول تكلمه باللغة التي يفهمها .. لو حكيته بلغتك انت مش هيفهم منك حاجة .. ده مش معناه ان الامور تبدوا كما ادركها الطفل .. بل عندما ينضج هذا الطفل سيفهم ماذا كنت تقصد اكثير

الديانة الاسلامية تحديداً جائت في بيئة من الجهل والغباء والتعصب ووو .. والناس وقتها كانوا ابعد ما يكون عن الدين .. لذلك جاءت الديانة الاسلامية بشكل يفهمه هؤلاء .. املاً في ان يتغير فهمهم عندما يزدادوا نضجاً او يتطور وعيهم 

لكن ومع الاسف نحن توقفنا عند حد النص .. فلم يحدث اي تطور ولم نتيح له ان يحدث اصلاً .. كان يجب علينا ان نبحث عن المعنى لا ان نظل عالقين في النص 

اذاً ممكن ان تفهم من النص ان الحسنات والسيئات هي اشياء تسجل على ورقة ثم فيما بعد يحاسبك عليها الاله .. لكن خلينا ننظر للموضوع من مكان مختلف

ماذا لو كانت اعمالنا الطيبة واعمالنا الخبيثة هي بمثابة مغناطيس للجزاء ؟
ماذا لو كان الجزاء هو شيء قائم يتفاعل تلقائياً مع اعمالنا الطيبة او الخبيثة ؟

دائماً الحقيقة واحدة ولكن قد تختلف اللغة من مكان الى آخر بحسب ثقافة الناس .. في بلاد الهند وفي الديانات الشرقية لا يوجد ما يسمى حسنات او سيئات .. بل يوجد طاقة ايجابية وطاقة سلبية .. تلك الطاقة الايجابية تتولد من الاعمال والنوايا الصالحة الطيبة .. والطاقة السلبية تتولد من النوايا السيئة والافعال السيئة 

لنوضح اكثر .. في الشرق يقولون ان جسم الانسان محاط بمجال من الطاقة .. هذه الطاقة مكونة من ذبذبات .. هذه الذبذبات المحاطة بالجسم تجذب بدورها الذبذبات المتكافئة معها .. وكل شيء في الكون هو ذبذبات في الاصل وليس مادة ..  وتلك الذبذبات المتنوعة المختلفة التردد ينجذب تلقائياً المتشابه منها مع بعضه البعض 

المجال الذبذبي للإنسان يتغير وفقاً لما فيه داخله ووفقاً لما يفعله وما يقوله الخ .. فعندما مثلاً اقوم بلعن او بشتم احد .. تبدأ ذبذباتي في اتخاذ شكل متكافيء مع هذا الفعل .. وتبدأ الاشياء المشابهة لهذه الذبذبات بالانجذاب تلقائياً .. فإن فعلت او قلت شراً فسوف تجذب احداث - اشخاص - اشياء متوافقة مع فعلك وهذا مايدعى الجزاء وما يسمى في الشرق ب الكارما

هذا بالظبط نفس ماهو موجود في الدين عن الحسنات والسيئات لكن بلغة يفهمها .. في الشرق وفي الهند متبحرين ومتعمقين في هذه الامور لذلك اتت الامور عندهم في هذا الجانب بتفصيل اكبر 

"وما كان ربك بمهلك القرى بظلمٍ واهلها مصلحون"
"ولو ان اهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض"
"ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس "
"فأهلكناهم بذنوبهم"
"ومن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره"

الجزاء يكون من جنس العمل .. وهو شيء يحدث تلقائياً .. ما انت عليه هو ما تجازى به هنا وبعد الممات وربما اشرح ذلك بالتفصيل فيما بعد 

كتابة الحسنات والسيئات لا تكتب على ورقة كراسة .. بل تكتب عليك انت .. فعلياً هي تنطبع على هالتك .. اذا استغفرت الله من سيئة معينة تنمحي السيئة فالله غفور والغفران طبيعته .. ومع الاستغفار بشكل دائم بنية محو كل السيئات "الطاقة السلبية" .. يصبح مجالنا الطاقي "صحيفتنا" نقية ومشعة .. وتبدأ الامور في واقعنا المادي تتحسن .. وتبدأ البركة في الظهور .. لذلك ارتبط في كثير من الاحيان الرزق بالإستغفار في الاسلام

"وقلت استغفروا ربكم انه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموالٍ وبنين ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم انهاراً"

ولنفس السبب كان الانبياء يدعون الناس للإستغفار حتى لا تعود عليهم عاقبة افعالهم السيئة .. لذلك فكل قرية من القرى التي ذكرت قصة هلاكها في القرآن ارسل الله لها نبي ليدعوا الناس لتعديل مسارهم والاستغفار وفتح صفحة جديدة مع الوجود .. والا فكان ينذرهم من هلاك يصيبهم اثر تراكم اعمالهم السيئة 

هؤلاء مجموعة من الناس طغوا في اعمالهم ونواياهم السيئة ومخالفتهم لنظام الوجود وطبيعته .. مما شكل مجال طاقي سلبي جماعي لهذا المكان الذي يسكنون فيه .. وهذه الطاقة السلبية الكثيفة المتجمعة ان لم يتم محوها وتنظيفها من خلال الاستغفار والصلاة والدعاء فسوف تقوم بجذب جزاء ضخم متوافق مع هذه الطاقة .. لذلك كانت دائماً كل القرى يرسل الله لها انبياء ليحاولوا اعادة توجهيهم من جديد قبل ان تحل عليهم لعنة اعمالهم

وكون حسناتنا وسيائتنا هي طاقة تنطبع على مجالنا الطاقي .. فهذا يعني ايضاً انه كلما حافظنا على نقائنا من السيئات والتي هي الطاقة التي انطبعت على حالتنا وفقاً لأعمالنا ونوايانا من وراء هذه الاعمال ان جزاء هذا شيء متوافق معه .. فتتحول حياة الشخص كلها الى بركة .. قبل الممات وبعد الممات ايضاً 

عندما يتحدث القرآن او الرسول عن ان هناك اشياء محرمة وهناك اعمال تكسب حسنات .. فهو لا يعطينا وصايا واوامر فقط .. بل هو فقط يذكر وينبه " فذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر " .. وايضاً " كلا انها تذكرة فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلاً" .. و ايضاً "ليس عليك هداهم" .. وايضاً "انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء" الخ الخ

فتلك المحرمات هي اعمال تخالف طبيعة ونظام الوجود .. ليس لأن النبي قال مثلاً او لأن القرآن قال ذلك .. بل هو قال لأنها اصلاً كذلك .. وما قال الا ليعلمنا وينبهنا فقط .. ليس جبراً عليناً وغصباً 

"احلت لكم الطيبات وحرمت عليكم الخبائث" .. 
هذه هي خلاصة الموضوع .. فلا تفتحوا المجال لأهل الجهل ان يتحكموا بكم ويقمعوكم بإسم الدين وتحت راية الحلال والحرام .. فيحرموا الطيبات باستخدام النصوص والكلمات "وهم يجيدون ذلك" .. ويأمروا بالكراهية والحرب والعداء باستخدام النصوص والكلمات ايضاً .

العبرة ليست بالنصوص والكلمات .. ليس هذا هو الميزان .. القرآن لم يحدد المحرمات والمباحات .. بل اعطى قاعدة "احلت لكم الطيبات وحرمت عليكم الخبائث " وعلى اساس هذه القاعدة نبهنا عن اشياء محرمة وعن اشياء مستحبة او طيبة .. ولكن انقطع الوحي وتوقف القرآن عن النزول وتوفى الرسول .. وتغيرت الظروف والاحداث والاشخاص وكل شيء تغير .. ويوجد الآن مالم يكن موجوداً في عصر الرسول .. فهل سنحي النبي من موته ليقلنا ماذا حلال وماذا حرام .. ام نتصل بجبريل لينزل علينا آيات جديدة ؟ .. ام نفعل مثلما فعل اهل الجهل ونفرض النصوص التي نزلت في ناس قد ماتوا من 14 قرن على جميع الناس الاحياء الآن ونلوي النصوص ونجمع التفاسير الضخمة ونتفلسف ونتقول الخ الخ فقط لكي نعرف ماذا حرام وماذا حلال !! .. هل وصل بنا الغباء والجهل لهذه الدرجة المذرية !!! .. والله لو قام الرسول من قبره لانبطح ارضاً من كثر الضحك :D 

الرسول مات .. القرآن انتهى امره من 14 قرن .. لكن الحياة قائمة والحكمة حية .. والقرآن يحمل المعنى لذلك القرآن ايضاً حي وقائم حتى الآن ليست نصوصه وتشريعاته .. لكن بالنظر في المعنى وفي السبب نفهم ونتمكن من فهم الامور الجارية حتى الآن .. فهو كتاب من نور .. لكنه لا يتماشى مع العقول الظلامية .. ولا يمكن لأحد المتقوقعين ان يفهم كيف ان القرآن حي حتى الآن .. وكيف انه يلامس شيئاً ما بداخلك .. لكن تلك السطحية حملت القرآن ما لا يحتمل واحطت من قدره واضاعت على الناس الكثير من انواره وحكمته 

ولأن الرسول يعلم انه سيترك العالم ويرحل .. وسيأتي وقت ينتهي فيه القرآن كنصوص وكلمات .. قال "استفت قلبك ولو افتاك الناس وافتوك" .. 

القلب دائماً مرشد .. يعلم الطيب من الخبيث .. يعلم ما يناسب كل واحد مننا .. يعلم ماهو مطلوب من كل فرد مننا .. القلب هو المكان الذي خاطبه الدين ..  وهو المكان الذي يعرف ماهو الدين 

لذلك ياعزيزي القاريء ارجوك تخلى عن هذا الغباء .. توقف عن استفتاء المفتين واصحاب العمم والكلام المجعلص والمجلدات الضخمة .. فالرسول مات ولم يعين عنه نواب .. والله ليس لديه متحدثين رسميين .. القرآن توقف عن النزول .. والنبي محمد قد مات وشبع موت .. فلنسمع القلب الآن .. ولنستخير الله بكل شيء .. فالصلة بيننا وبين الله قائمة دائماً وابداً .. فهو لم يخلقنا ويتركنا نعيش في الظلمات .. بل هو اقرب الينا من حبل الوريد .. دائماً يلهمنا ويدعمنا ويخاطبنا لكننا لا نسمعه .. بل نذهب ونتأكد من الشيخ او من القسيس او من الحاخام او من آية الله فلان الفلاني .. لماذا كل هذا الغباء .. الله لم يتركنا ويعين متحدثين رسميين يخبروننا بما يريد قوله 

وسلام

يتبع ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق